كان بديع خيري أحد أهم الشخصيات المؤثرة في تاريخ الأدب والمسرح المصري الحديث. ولد عام 1874 وتوفي سنة 1959، وتميزت حياته بالإسهامات البارزة في مجال الكتابة المسرحية التي عكست واقع المجتمع المصري خلال فترة مهمة من التاريخ العربي. كان لخيري تأثير كبير سواء على الصعيد المحلي أو العالم العربي بشكل عام، وذلك بسبب قدرته الفائقة على تصوير المشكلات الاجتماعية بطريقة مؤثرة وساخرة في نفس الوقت.
بدأ بديع خيري مسيرته الأدبية ككاتب صحفي ثم انتقل بعد ذلك إلى كتابة النصوص الدرامية للمسرح. اشتهر بخطابه الاجتماعي الحاد وحرصه على تسليط الضوء على القضايا المتعلقة بالقومية والاستقلال الوطني والحقوق المدنية. كانت مسرحيته "الناس اللي فوق" واحدة من أعماله الأكثر شهرة والتي تعتبر نقداً ساخراً لمجتمع الطبقات العليا الاستعمارية آنذاك. تناول فيها موضوع الفصل الطبقي والقهر السياسي بإسلوب فني مبتكر ومثير للنقاش.
بالإضافة إلى إتقانه فن الكوميديا السوداء، كتب بديع خيري أيضاً العديد من الدراسات النقدية حول الفنون المسرحية والتاريخ الثقافي المصري القديم. وقد ترك هذا الراغب الكبير في معرفة التراث الشعبي تأثيراً عميقاً في تطوير المسرح العربي moderne. لا يمكن إنكار دوره الرائد كمؤسس لأحد مدارس التفكير الحر والدفاع عن قضايا الشعب عبر أعمال أدبية نالت تقديراً واسع النطاق حتى يومنا الحالي.
على الرغم من أنه واجه تحديات كبيرة أثناء رحلته الإبداعية بسبب الرقابة الحكومية والمقاومة التقليدية للأشكال الجديدة من الترفيه والفكر، إلا أن بديع خيري ظل ثابتاً في رسالته الأدبية ولم يستطع أحد أن ينكر تأثيره الجوهري على تطور المسرح والمجتمع المصري. يظل تراثه مصدر إلهام مستمر لكل محبي الأعمال الفنية ذات المحتوى الاجتماعي الهادف والمعبرة عن هموم الوطن وأحلام شعبه.
