تتميز شخصية الإعلامية السعودية اللامعة داود بن غيث الشريان بتاريخ حافل من الإنجازات في مجالات الإعلام المتنوعة؛ فمن خلال مسيرته الطويلة التي امتدت لعدة عقود، ترك بصمة واضحة ساهمت بشكل كبير في تشكيل المشهد الإعلامي بالمملكة العربية السعودية. يعتبر "الشريان" أحد رواد العمل الصحفي والإذاعي والتلفزيوني، وقد تمكن عبر خبرته الواسعة وفهمه العميق للثقافة السعودية والعربية من خلق مكان مرموق لنفسه داخل القطاع الإعلامي المحلي والدولي أيضا.
ولد داود الشريان عام 1946 ميلادي بمدينة جدة، نشأ وسط عائلة كانت لها جذور عميقة في المجال التعليمي مما أثّر عليه وأكسبه حب المعرفة والبحث المستمر. بدأ رحلة عطائه الثقافي مبكرا عندما التحق بكلية الآداب جامعة الملك عبدالعزيز بجدة حيث حصل لاحقا على درجة البكالوريوس في الأدب العربي وآداب اللغة الانجليزية. ولم يكن هذا التدريب الأكاديمي مجرد رصيد أكاديمي فقط بل شكل أساسا قويا لمهنته القادمة ككاتب صحفي ومقدم إذاعي وتلفزيوني مميز.
بعد فترة وجيزة من التخرج، انضم إلى الخدمة العامة وعمل مديرا لإدارة العلاقات العامة بميناء جدة الإسلامي ثم انتقل بعد ذلك للمشاركة الفعالة مع قناة المملكة الفضائية حيث قدم برنامج (لقاء) والذي كان نقطة تحول مهمة في حياته العملية. برز البرنامج بشخصيته الجاذبة وشغفه بالحوارات المثيرة والموضوعات الحيوية المطروحة، الأمر الذي جذب الكثير من الجمهور وحصد له شهرة واسعة خارج حدود الوطن الأمّ.
لم تتوقف طموحات "الشريان" عند تقديم البرامج التليفزيونية ذات الدرجة الأولى فقد شارك أيضًا في العديد من الأعمال الدرامية والأفلام الوثائقية منها المسلسل التاريخي الشهير "النوم في العسل". كما قام بتأسيس شركة إنتاج خاصة به تسمى "شركة النخيل للإنتاج المرئي"، والتي أسفر عملها عن أعمال إبداعية عدة مثل فيلم "الحياة الحقيقية"، وهو أول تجربة سينمائية للسعوديين.
إن تاريخه الغني والحافل بالإنجازات يدفعنا لاستذكاره باعتباره رمزاً بارزا يساهم دوراً محورياً ليس فقط ضمن قطاع الاعلام ولكنه ايضا مثال يقتدى به لكل محبين الفن والثقافة والحراك الاجتماعي العام. إن إسهاماته جعلت منه أيقونة تستمد منها الأجيال الجديدة دروسًا قيمة حول قوة التواصل الفعال واستراتيجيات بناء مجتمعات أكثر تعرِّفاً ومتماسكةً.