الثعلب الماكر: حكاية الدجاجة الذكية

في غابة خضراء خصبة عاش ثعلب ماكر يُدعى "ذو اللحية البيضاء". كان هذا الثعلب معروفاً بحيلته وذكائه التي لا تنضب، وكان يبحث دائماً عن فريسة سهلة. وفي أحد

في غابة خضراء خصبة عاش ثعلب ماكر يُدعى "ذو اللحية البيضاء". كان هذا الثعلب معروفاً بحيلته وذكائه التي لا تنضب، وكان يبحث دائماً عن فريسة سهلة. وفي أحد الأيام قرر زيارة مزرعة قريبة لمطاردة دجاجتها الطيبة. وصل إلى المزرعة بعد شروق الشمس مباشرةً، متخذاً شكلاً لطيفاً ومحاولاً إظهار نفسه كصديق للدجاجات بدلاً من مفترسها.

اقترب من مجموعة من الدجاجات وكانت تقودهن دجاجة ذكية تُدعى "الذهبية"، والتي لاحظت سلوك الثعلب الغريب منذ البداية. حاول الثعلب خداع الجميع بسرد قصة مزيفة حول رحلته الشاقة عبر الغابة بحثاً عن الطعام وكيف أنه مجرد مسافر جائع يحتاج لمساعدة قليلة ليستعيد طاقته المتعبة. استمعت الدجاجات لقصصه بكل اهتمام لكن الذهبية ظلت تشعر بشيء غير صحيح.

بعد عدة محاولات فاشلة لتشتيت انتباه الدجاجات الأخرى عن طريق سرد قصص مثيرة، اقتربت منه الذهبية بنبرة منخفضة وسألت: "أيها الصديق العزيز، أنا أشكرك كثيراً على حسن حديثك ولكن لدينا عادة هنا قبل استقبال أي غرباء، وهي طلب دليل على احتياجك الحقيقي للمساعدة." عندها بدأ قلب الثعلب يخفق بسرعة بينما كانت ابتسامته تتلاشى تدريجياً تحت نظرات الذهبية الجازمة والحاسمة.

استجمع قدر ما يستطيع من رباطة جأشه وأجاب قائلاً: "بالطبع يا صديقتي العزيزة! إليكم دليل صدقي وحاجة قلبي للراحة؛ فقد تركت خلف ظهرنا قطعة ذهبية عظيمة يمكنني الاستعانة بها لاستعادة نشاط جسدي مرة أخرى. إنها هناك بالقرب من الطريق المؤدي لغابتي الأم." سمعت كل الدجاجات هذه القصة الجديدة وتبادلن النظرات بين بعضهن البعض، ثم قررت الذهبية التحقق منها بمفردها مخافة الوقوع في مصيدة جديدة.

انطلقَتْ باتجاه المكان المشار إليه ولم تجد شيئاً سوى وجود آثار لأقدام كبيرة تؤكد أنها تعود للثعلب الماكر ذاتِهِ. عادت بخجلٍ وبشرت باقي الدجاجات بما اكتشفوه سوياً، وعندئذٍ شعر الثعلب بأنه قد تم اكتشاف أمره وانفضّت عنه الستارة الخادعة. هرب مذعوراً تاركاً ورائه درسًا قيمًا للدجاجات ولجميع سكان الغابة بأن الصدق هو المفتاح للحفاظ علي السلام والأمان داخل مجتمعات الحيوانات البرية.

ومن ذلك اليوم فصاعدا، أصبح الثعلب الأكثر شهرة ولكنه ليس للأسباب التي سعى إليها بل بسبب براعتَه وخداعاته الفاشلة أمام تلك الدجاجة العاقلة والفطنة. أما بالنسبة للدجاجات فأصبحت تعلم جيداً كيف ترى الأشياء كما هي ولا تسترسل مع الأقاويل المغلوطة مهما بدا الأمر مقنعا وجاذباً للأنظار. وهكذا عاشوا جميعًا حياة مليئة بالمفاجآت والمواعظ المستمرة لبعضهم البعض حتى آخر لحظة من أيام حياتهم المشتركة الجميلة ضمن عالم الطبيعة الواسع والمتنوع بشكل لا نهائي.


أمل السوسي

4 Blog Beiträge

Kommentare