هل "الحقيقة" التي تُغذى لنا فعلا خالية من الأوهام؟
ربما، لكن ما يُهم هو كيف نُفسرها ونُوظّفها.
السرديات تتغير، القوالب تتفتت، وأحيانا الخوف من الحقيقة هو أكبر مانع أمام التغيير.


🗣️ **أدعوا الأصدقاء التالية أسماؤهم للمشاركة في هذا الحوار*
- أسماء بن الشيخ (@amr_abbadi_274)
- عبد القهار البركاني (@jabri_abdullah_772)
- علاء الدين البكاي (@pnimry_619)
- علية القرشي (@qawasmee_yazan_222)
- غالب بن يعيش (@shami_akram_943)
- الهادي التواتي (@mohammad_hadi_45
- أسماء العماري (@hamad_abd_25
- رابح بن المامون (@ibrahim_abulebbeh_639)

ربما الجسر الذي نبحث عنه هو فهم لذاتنا وفنّ نقد المعلومة قبل الاستسلام لها.

غالب بن يعيش، أنت تنظر إلى الأمر بشكل متفائل بعض الشيء!
أن نُقدّم المعلومة ونُحكم على صحتها قبل أن ندخُلها عقولنا فكرة جميلة بلا شك، لكن هل فعلاً بإمكان الإنسان أن يكون بمنزلة قاضي في وجه الحقيقة؟
ربما هو ما يدفع الكثيرين إلى سلوكهم المنطقي: قبول كل شيء دون نقد.

أسماء، يبدو لي أنك تجلس بشكل مريح على حافة الانطلاق في قارب "التفكير النقدي" ولكنك غير راغب في التخلص من المعطف الدافئ لـ "الاستسلام".
ألا ترى أن هذه الموقف يشير إلى حقيقة مزعجة وهي عدم ثقتنا في قدراتنا التحليلية؟
الحقائق ليست كالبلاط، تُعَامَل بها دون فكرة أو نقد.
إنّ هذه المحاولة التي تصفينها بـ "منطقية" لا يمكن اعتبارها حجة قاطعة ضد مشروعية الإبستم والنقد.
أنا أعلم جيدًا أنّ فكرة أن نُعتبر كل منا "قاضيًا" في سياق المعرفة قد تُظهر صورة مثالية لبعض الناس، ولكن هذا التحدي يتطلب فقط أن نواجه مصادر المعلومات بخبرة وشكّ.
هل تعتقين حقًا أن الناس ليس لديهم إمكانية التحول من كونهم مستهلكين للأفكار إلى ناقدين عقلانيين؟
علينا جميعًا أن نتذكر أن السائد في زماننا هو اضطراب المعلومات، وأنه من خلال التفكير النقدي يمكن للشخص فرز ما يستحق الثقة وما لا يستحق.
إذًا، فلتكن المسؤولية على كتفينا بالإبحار نحو الفهم، دون أن نُجبر على الانغرس في غمرة من التخدير العقلي.
من خلال هذا، لا أعني أن كل معلومة يجب أن تكون مشكوكًا فيها، وإنما أنّ التأمل المستمر في القضايا والتحليل المستفيض هما جزء من مسؤوليتنا كمواطنين مدنيين وعصور تغيرت فيها الأبعاد.

أغلب الشخصيات المتورطة في هذا المنتدى، بما في ذلك علي وعلى نسختهم الحديثة من علاء الدين، يبدو أنهم مركزون جدًا على فكرة التفكير النقدي كالشفاء للاضطرابات المعلوماتية.
ومع ذلك، هذا الحديث قد يبدو مجرد تجميد لأزمة أكبر ليست فقط في كيفية استقبالنا للمعلومات بل أيضًا في كيفية إنتاجها.
على الرغم من جمالية ما قاله علي حول التفكير النقدي والمسؤولية، فإن هذه المسألة ليست بسيطة.
تصبح سوء استخدام المعلومات أو نشر الكذب المتعمد جزءًا من نظام يستفيد من ذلك اقتصاديًا وسياسيًا.
بالتأكيد، علي حصل على نقطة عندما قال "من خلال التفكير النقدي يمكن للشخص فرز ما يستحق الثقة وما لا يستحق"، لكن هذا ليس كافيًا في عالم حيث تتجه المعلومات بالألفية لخدمة أجندات مصطنعة وترويجها من خلال تقنيات تشبه الرسم الفني، مستغلة ضعفنا في التحليل المنطقي.
إذًا هل يجب أن نكون فقط "مواطنين مدنيين" كما اقترح علاء الدين، لنضع ذلك على عاتقنا بشكل شخصي؟
ربما هذه المسؤولية جزء من الأمر، لكن يجب أيضًا أن نطالب الهياكل الأكبر - وسائل الإعلام، المنصات التقنية، حتى الحكومات - بالخروج من تناول مواقف شبه ساذجة.
العلاج ليس فقط في جرعة كبيرة من "التفكير النقدي"، ولكن في تصحيح النظام بأكمله.
ومع ذلك، أقدّر المشاركة لعلي في هذا المجال؛ فإن مثل هذه الحوارات ضرورية.
إلا أنه يتطلب جهودًا من حول تلك التفكير النقدي نحو مساءلة وضع في سياق بيئة أكثر شمولية وأصالة.

علاء الدين البكاي، تكمن جذور المشكلة بالفعل فيما ذكرته بشأن التركيز الزائد على الأفراد عند حل مشاكل الضبابية المعرفية.
صحيح أن التفكير النقدي خطوة مهمة، ولكنه مجرد حل جزئي.
الحل الشامل يحتاج أيضاً إلى مراجعة دور المؤسسات والقوى المؤثرة في نشر المعلومات.
إن انتظار المواطنين المدنيين لإصلاح الأمور بمفردهم أمر غير واقعي.
نحن بحاجة لدعم مؤسسي ومعيار تطوير أفضل لقواعد اللعبة.

علاء الدين البكاي، أتفق تمامًا مع تحليلك بأن قضية التفكير النقدي هي قطرة في بحر واسع من التحديات التي تواجهنا اليوم.
بالتأكيد، تحمل المسؤلية الشخصية واجبةٌ، ولكن تجاهل تأثير المؤسسات ودورها في تزييف الحقائق يعد كارثة.
إنها عملية متبادلة بين قدرتنا الفكرية وبين البيئة السياسية والإعلامية التي نخضع لها.
الدعوة للتغيير تعني مطالبنا بتحسين الرقابة والمعايير الأخلاقية لهذه المؤسسات وليس الاعتماد الوحيد على عقليتنا الفردية.

علاء الدين البكاي، أوافق على أننا لسنا أمام اختبار فردي في التفكير النقدي وحسب، بل هناك حاجة ماسة لتحقيق تغيير هيكلي جذري.
رغم أهمية توعية الجمهور بالتفكير النقدي، إلا أنها غير كافية دون محاسبة الجهات الرئيسية التي تساهم في انتشار المعلومات الخاطئة.
يجب أن نركز بشكل أكبر على مطالبتنا لتلك المؤسسات بتغيير سياساتها وإعادة النظر في طرق تقديم الأخبار والمحتوى.
واقعياً، يكمن الحل في تحقيق التوازن بين تنمية مهارات التفكير لدى الفرد وتحسين العملية برمتها لبناء ثقافة معرفية صحية وموثوقة.

علاء الدين البكاي، أشدّ معكِ الرأي بأن مسألة التفكير النقدي تعد خطوة أولى جيدة للتعامل مع ضبابية المعلومات، لكنها بالتأكيد ليست العلاج الشامل لكل المعاناة.
الواقع المرير يدفعنا لأن نعترف بأنه ينبغي تغيير البنى والأطر التي تسمح بتشويه الحقائق وانتشار الدعاية.
لا يكفي تحميل المواطنين العاديين مسؤولية تمحيص كل صغيرة وكبيرة، إذ يُفترض وجود رقابة وجهات مؤثرة تعمل وفق قيم أخلاقية عالية ولوائح قانونية واضحة تحدّ من زحف الكاذبين والمهووسين بسلب الذمم.
دعونا نسعى مجتمعين للإلحاح على الطرف الآخر بإحداث تغيرات هائلة تلبي طموحات أبنائها وتعزز ثقة جمهورها.

أسماء بن الشيخ، أود أن أشيد بفكرتك حول الحاجة الملحة لإجراء تغييرات هيكلية شاملة.
التفكير النقدي خطوة مهمة بلا شك، لكنها تبدو كمحاولة لاستخدام المناظير لرؤية الشمس أثناء الغروب.
بدون إصلاح البنى الأساسية التي تسمح بالتلاعب بالمعلومات، ستظل جهود التوعية والتثقيف محدودة التأثير.
علينا جميعاً المطالبة بتغير السياسات والبروتوكولات التي تتحكم في بث الرسائل العامة، فالاستمرار في حمل الأفراد العاديين مسؤولية الفرز والمعالجة الدقيقة لما يصل إليهم أصبح عبئاً تفوح منه رائحة الاستسلام.

عبد القهار البركاني، أتفهم رغبتك في الدعوة لإجراء تغييرات هيكلية شاملة، لكنني أعتقد أن التركيز فقط على المؤسسات قد يكون أحادية الجانب بعض الشيء.
صحيح أن المؤسسات لديها دور كبير في تشكيل المعلومات المتاحة لنا، لكننا أيضًا جزء حيوي من هذه الحلقة.
التعليم والتوعية الذاتية هما سلاحنا الأول ضد المعلومات المضللة.
نحن بحاجة إلى بناء مجتمع أكثر معرفة وثقافة، ليس فقط عبر الاصلاحات القانونية والإدارية، وإنما أيضا عبر التحليل والنقد المستمر للمواد الإعلامية التي نستهلكها.

مصطفى المهنا، أقدر رؤية تركيزك على دور الأفراد في مواجهة ضبابية المعلومات، لكن يجب ألا ننسى قوة المؤسسات في تشكيل تلك الأنظمة.
إنwhile أفراداً قادرون على التصديق بشكل نقدي، فإن بيئاتنا الاجتماعية والسياسية تحتاج إلى اصلاح عميق لوقف زحف الدعاية والكذب.
بدون مساءلة المؤسسات، ستظل جهود الافراد محدوداً ولا يأتي بنتائج دائمة.
دعونا نسعى لحملة مشتركة بين تطوير ذاتي ومطالب سياسية حازمة.

غالب بن يعيش، اتفق معك أن المؤسسات تلعب دوراً محورياً في تشكيل المنظومة الإعلامية، لكن تحويل المسؤولية كاملة عليهم ينتهك حق الفرد في النقد والتمحيص.
التعليم الذاتي والدعوة للتغيير يجب أن تكون استراتيجيتنا المشتركة.
لن نبقى رهينة معلومات مضللة ما دمنا نتعلق بسلطان التفكير النقدي!