إن الذئب، وهو أحد مفترسات الأرض الشهيرة، يتميز بصوت مميز يُطلق عليه اسم "العواء". هذه الكلمة مشتقة من الفعل الثلاثي "عَوَّى" والذي يعني رفع الصوت بطريقة طويلة ومتصلة. ويعرف الذئب التابع لما يعرف بالعواويات بالتعبير عنه بأنه "ذئب عوّاء"، وهو مصطلح يستخدم للتأكيد على قدرته الواضحة على الإدلاء بهذا الصوت الجميل والمميّز.
يتمتع العواء بدرجة صوتية متدنية، وهو أمر مثالي لنشر الرسائل عبر المساحات الشاسعة لموائلها الطبيعية. فعلى الرغم من أنه قد يبدو الأمر غير مرجح بالنسبة لنا، إلا أن طنين صوت الذئب يمكن سماعه لمسافة تصل إلى خمسة كيلومترات وأكثر في البيئات المفتوحة. إنها القدرة الرائعة التي تؤكد مدى حرفية وسحر عالم الحيوانات البري.
ولقد اكتشف الإنسان شيئاً فريداً حول عادات عواء الذئاب: ليست فقط تلك اللحظات التي ينتج فيها القمر ضياءً كاملاً هي التي تدفع بإحدى الزئبات نحو الانطلاق بحنجرتها الرنانة! فالواقع مختلف؛ فالذئاب تحتشد للعواء سواء نهارا أو ليلا، وليس فقط أثناء وجود القمر المكتمل. وهذه الظاهرة تعد جزءا أساسياً من ديناميكيات الحياة الاجتماعية لهذه الثدييات الغريبة.
لذا فإن لغتها تتضمن مجموعة واسعة من الاستخدامات والاستراتيجيات الدقيقة المرصدة جيدا. فتارة ترفع زفرة تحذيراً لصغارها الصغيرة المحاطة بالمخاطر، وتارة أخرى تنوح بشكل لطيف طلباً لرعاية مولوداتها ورعايتها الصحية الغذائية الواجبة لها. وبالتالي، يعد العواء استجابة طبيعية للحفاظ عليها وعلى مجتمعها الخاص بها أيضاً. إنه مثال حي على كيف تعمل آليات التواصل الاجتماعي بكفاءة عالية بين الأنواع المختلفة والمنتشرة جغرافياً.
خلاصة القول: إن صوت الذئب هو العواء، وللحفاظ على سلامتهم ونوعهم: فلنقدر غرائز وممارسات هذه الكائنات المهيبة والتي تُظهر براعتها العلمية والفنية الخالصة.