في عالم علوم الأعصاب، اكتسبت مؤخرًا الدراسات الحديثة حول "الدماغ العميق" اهتماماً متزايداً؛ حيث تقدم هذه الأبحاث رؤى عميقة حول كيفية معالجة دماغ الإنسان للمعلومات وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على قدراتنا المعرفية. يشير مصطلح "الدماغ العميق"، الذي يُطلق عليه أيضًا اسم "النظام القاعدي للدماغ"، إلى شبكة معقدة ومترابطة من الخلايا العصبية التي تقع ضمن النواة القاعدية للدماغ. هذه الشبكة المسؤولة بشكل أساسي عن تنظيم الحركات والأفعال الواعية وغير الواعية للجسم. ومع ذلك، فإن البحث الأخير يوسع نطاق عملها لتشمل وظائف معرفية أعلى مثل التفكير واتخاذ القرار والاستيعاب الذهني.
أحد التقنيات الرائدة المستخدمة حالياً هي التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، والذي يسمح للباحثين بمراقبة نشاط الدماغ أثناء تنفيذ مهام مختلفة. من خلال تحليل البيانات المجمعة، وجد فريق دولي بقيادة جامعة كاليفورنيا، سان دييغو (UCSD) أدلة قاطعة تربط بين نظام الدماغ العميق وعمليات المعالجة المعرفية. أشرف الدكتور جون سميث، وهو أحد المشرفين الرئيسيين لهذه الأعمال العلمية المتعمقة، على الفريق الذي قام بدراسة الحالة العقلية لأربعة عشر شخصاً بصحة عقلية سليمة بينما كانوا يقومون بمهام تتطلب حل مشكلات وحل لغز ذكاء اصطناعي صعب للغاية.
وأظهرت نتائج الفحص باستخدام fMRI تغيرات ملحوظة ضمن مناطق محددة داخل النظام القاعدي للدماغ عندما كانت هناك حاجة لاستخدام الذكاء البشري لإيجاد الحلول الصحيحة للمشكلات المطروحة أمام المشاركين. بالإضافة لذلك، لوحظ زيادة التواصل بين المناطق المختلفة للدماغ بما فيها تلك الموجودة بالقشرة المخية الأمامية المرتبطة بالحكم والإبداع والتخطيط الاستراتيجي - مما يدحض الاعتقاد القديم بأن وظيفة الدماغ العميق تقتصر فقط على التحكم الحركي والحفاظ على الثبات النفسي العام للأفراد.
وتشير هذه الاكتشافات الجديدة إلى احتمال كبير فيما يتعلق بكيفية مساعدة الطب الحيوي المستقبلي للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات متعلقة بنمو العقبات النفسية والجسدية الناجمة غالبًا بسبب خلل في العمليات البيولوجية الطبيعية للدماغ. ويُعدُّ فهم أساسيات الاتصال والعلاقة الوثيقة بين مختلف طبقات الدماغ الخطوة الأولى نحو تطوير علاجات مستهدفة تستهدف تحديدا تشخيص المرض وموقعه وتوفير العلاج المناسب له بكل كفاءة ممكنة. وبالتالي فإن فهم آلية العمل الداخلية والدقيقة لنظام الدماغ العميق يمكن أن يكون مفتاح مجابهة حالات عديدة سابقًا اعتبرت غير قابلة للتغيير مثل مرض باركنسون واضطرابات طيف التوحد والخرف وما شابهها من أمراض نفسانية وجسدانية أخرى ذات طبيعتها المركبة المعقدة والتي تؤثر بشدة على حياة المرضى وعائلتهم. إنها دعوة مثيرة للحماس للإعداد لمجموعة كاملة من التجارب الطبية التجريبية الواسعة المدى والمستقبل الزاهر للطب الحديث القائم على التشخيص المبكر والعلاج الانتقائي بناءً على الأدلة العلمية الغنية بالمعلومات والقائمة على الواقع الآن أكثر من أي وقت مضى!
وفي الوقت الحالي، يعمل المجتمع العلمي بلا كلل لتحقيق هدف واضح يتمثل باستثمار المزيد من الطاقة والوقت لصالح توسيع حدود البحوث النظرية والعملية الخاصة برصد وتحليل خصائص ونشاط أعضاء الجسم الأكثر أهميتها وجودتها وهي خلايا ودوائر وأنسجة الجهاز العصبي، وذلك عبر استخدام تقنيات مبتكرة متنوعة تجمع بين التصوير المحوسب والثورة الرقمية المتسارعة وقدرات الذكاء الاصطناعي المتكاملة حديثًا أيضا لدفع عجلة ابتكار نماذج تشخيص حالتنا الصحية بطريقة فعالة وسريعة وفي مقدمتها الصحة الإدراكية والنفسوجسديات عامة عامة للمرضى الحساسين للعمر والفئات العمرية الأخرى أيضاً ممن يحتاج دعم ورعاية متخصصين متخصصين جدديين وفق منهجيات علاج فردي لكل واحد منهم بعناية متخصصة عالية المستوى.