تحظى حشرة فرس النبي باهتمام كبير بين العلماء وعلماء الطبيعة نظرًا لخصائصها الفريدة وشكلها الآسر. يُطلق عليها هذا الاسم نسبةً لوضعيتها الاستثنائية التي تبدو فيها كأنها تسجد أو تصلي، الأمر الذي دفع اليونانيين القدامى لإطلاق عدة أسماء عليها ذات دلالة دينية، بما في ذلك "Gottesanbeterin" بالعربية ("الصلاة إلى الرب") و"Preierfrosch" الألمانية ("الأرنب المصلي"). أما بالنسبة للإنجليزية والإسبانية والإيطالية وغيرها من اللغات الأوروبية الأخرى، فقد اعتمدوا اسم mantis الشهير مستوحاةً من الكلمة اليونانية "mantikos"، والتي تعني المنجم أو الكاهن، وبالتالي فإن فرس النبي تنفرد بمكانة خاصة لدى الثقافة الإنسانية باستحضار صور إيمانية وعالم غيبي خلّاب.
يشهد التصميم التشريحي لحشرة فرس النبي على قدرة الخالق سبحانه وتعالى المذهلة، حيث تخوض رحلتها عبر الزمان والمكان بخفة وثبات ملفتين. فروئسهاب الرشيقة وخصرها النحيف وأذرعتها الطويلة تمتاز جميعها ببراعم استشعار حساسة يمكنها التقاط أصغر التفاصيل البيئية. بالإضافة لذلك، توفر لها أطراف جسديتها أشواكا متعددة الوظائف تساعد في تثبيت وجذب فرائسها الصغيرة قبل تناولها بحرص شديد. وعلى غرار البشر أيضًا، تمتلك هذه الحشرة عينين مركزيتين واضحتين للغاية تضفيان عمقاً بصرياً واسعاً ودقيقاً داخل عالم صغير مليء بالمخاطر والفرص المتنوعة.
ومن الجدير ذكره أيضاً هي قدرة فرس النبي على تغيير ألوان جلدها وفق بيئتها المحيطة بتقنية مذهلة تُعرف باسم "التكتيك الصحراوي". وهذا الاحتيال المرئي يسمح لها بأن تكون أقل ظهوراً وسط خلفيات مختلفة مما يتيح لها فرص نجاة أعلى ضد الحيوانات المفترسة المحلية. ومع أخذ كل تلك الحقائق المثيرة تحت الاعتبار، ليس من المستغرب كيف أصبح مصطلح "فرس النبي" أكثر شهرة وانتشارًا مقارنة بتسميتها الرسمية "المانتيس" ضمن المجتمع الدولي العلمي والمعرفي العام. إنها حقًا تحفة خلقت كي تدفعنا للاستمتاع واكتشاف عجائب خلق رب العالمين!