يشكل استخدام أبي فراس الحمداني للاستفهام في شعره جانباً بارزاً يعكس براعة بلاغته وتنوع أساليبه الشعرية. فقد أثبت هذا الشاعر العظيم مهارته في توظيف مختلف الأدوات الاستفهامية لإثارة تساؤلات ذهنية ووجدانية عند المتلقي، مما يضيف عمقاً ومعنى فكرياً للأبيات الشعرية. وفي هذه الدراسة سنناقش استخداماته المختلفة وأثر كل منها.

وتظهر أهمية الاستفهام لدى أبي فراس من خلال شيوعه النسبية مقارنة بالأدوات الأخرى. حسب التحليل المنشور في جامعة الإسكندرية، احتل المرتبة الأولى بين جميع أدوات الاستفهام بمجموع وصل إلى 305 حالة (أو بنسبة 100%). وتتنوع تلك الأدوات لتشمل "الهمزة" والتي تتكرر 98 مرة (بنسبة 32.13%) تليها "هل" بواقع 56 تكراراً (19.67%) ثم "ما" بمائة وثلاث وثلاثين مرّة (12.13%). أما عن باقي الأدوات فتكون نسبتها كالآتي: "من" بثلاث وأربعين مرة (11,14%)؛ "كيف" بتسع وثلاثين (10,81%); "أين" بإحدى عشر عشرة تكرار (5,90%) ؛ "أي" بست حالات فقط (2,95%) ; "كم" بخمس فرص وجود محتملة(1,63%); و أخيرا وليس آخرهما جاءتا "متى". وهذه الأخيرة أقل حضور بكثير إذ لم تتكرّر سوى Twice .

ويبرز تنوع طرق تقديم الاستعلام لدى أبو فراس عبر الجمع بين شكلين رئيسيين هما :

١) الاستفهام+فعل: هنا يجتمع عامل الاستفهام حرفياً وسؤالياً ب فعل ماضي مثل قوله يصدمنا باستفسارات مثيرة للفضول حول قدرة المحارب وشجاعة المحارب :" أتزعم يا ضخم اللغادي أننا نحن أسود الحرب ولا نعرف الحرب ؟ ", وكذلك عندما يستخدم نفس الطريقة لشرح عدم خوفه أمام عدوه:" أتخيفنا بالحرب حتى كأنك أنت لم يعصب بها قلبنا عصبّا ".

٢ ) الاستفهام + الاسم الظاهر: يتميز هذا النوع بأنّه يحافظ على الضمير المؤكد ويجعله واضح المعالم بشكل لا لبس فيه كما نجده حين يسأل إن كان شخص محبوب قد تغير ولم يعد如 سابق فتصبح الجملة أكثر تركيزاً وانتماءً للشخص المُعنون مباشرة:" تقول إذا ماأت لك مختبئاً عزاء شوق انت أم انت ثائر؟"، إضافة لذلك فإن عبارته التالية تعتبر مثال رائع لإضافة العمق والاسترسال:-" تثنت فاغصن ناعم ام شمائل ولِولت فليل فاحم اما غداءير."

وبالنظر الى محتويات بعض القصائد الرئيسية التي تشهد العديد من المواقف المثيرة للإعجاب سواء كانت مساجلة شخصية او مواجهة تاريخيه ، يمكن فهم كيفية تأثير فن التعامل مع السياقات المختلفه للعبارات المستفهضمة بشكل مباشر وغير مباشر.-على سبيل المثال -تأخذ إحدى أشهر مؤلفاته وهو (أراك عقيدا من دموع القلب)<<>>>"تسائلني من انت وهي عالمة بذلك ولكن هل يوجد رجل مشابه لي تحت وطأة المصائب ؟!"،بينما تعبيره الآخر الأكثر شهرة "كيف سبيل الوصول لطيف يقصد الجنون"<< >>>يشرح مدى جنونه وحالة قلقه بسبب الأشواق والمواعيد المعلقة بشأن لقائه بطيف الأحلام بعد رحيله عنها أثناء الغزو العسكري للحجاج.[ ]