تعد رواية "المزدوج" لفلاديمير نابوكوف واحدة من أكثر الروايات تعقيداً وتعمقاً في التاريخ الأدبي الحديث. تتميز هذه الرواية بتحليلها الدقيق للوعي البشري والتأملات العميقة حول طبيعة الشخصية البشرية والعلاقات الاجتماعية.
في قلب القصة يوجد بطل الرواية غوستافو فون أسنباخ، وهو رجل ثري يعاني من اضطراب الهوية المزدوجة. هذا الشرط الجسدي الغريب والمدهش يسمح له بالتحول إلى نسخة أخرى منه ذات ملامح مختلفة تماماً وخلفية تاريخية متباينة. يجعل هذا التحول الشخص الرئيسي محور الفحص الذاتى والمعرفى بينما يستكشف الطبيعة الحقيقية للهوية والإنسان المتعدد الأوجه.
إن استخدام فلاديمير نابوكوف للغة الشعرية والمفصلة يضيف مستوى آخر من التعقيد لهذه القصة المعقدة بالفعل. كما أنه ينقل للقارئ إحساساً بالرهبة والإرباك لدى البطلة أثناء اكتشافه لماضي حياته البديلة ومواجهة الحقائق التي تهدد هويته الرئيسية.
بالإضافة لذلك فإن الرواية تتناول أيضاً العلاقات الإنسانية والحب بكل تشعباته وأشكاله المختلفة. تقدم لنا علاقات شخصية معقدة مثل حب الزوجين الثابت ولكن غير مكتمل بين غوستافو وزوجته كلارا؛ وكذلك الحب العاطفي الجامح بين غوستافو والنجمة الشهيرة أوليفيا ستراليسكو.
بشكل عام، تعتبر "المزدوج" تحفة أدبية تستحق الدراسة بسبب قدرتها على استجلاء العمق النفسي للإنسان واستكشاف ماهية الحياة نفسها وما يحملُهُ كَون الإنسان المُتنوع داخل نفسه الواحدة ولكنه المختلف تمام الاختلاف سواءً كان ذلك اختلافٌ جسدي أم ذهني أم روحانيّ . إنها دعوة مفتوحة للتأمّل والتحدّث حول هويتنا كمخلوقات بشرية وحالة الارتباك والحيرة المرتبطتين بها بشكل دائم.