تُعد أم مالك شخصية بارزة في الأدب العربي القديم، وهي امرأة تركت بصمة واضحة في عالم الشعر رغم أنها لم تكن شاعرة بشكل حرفي. كانت زوجة الشاعر الكبير كعب بن زهير التي لعبت دوراً محورياً في حياة ابنها بعد وفاة زوجها المبكرة. هذا الأثر القوي للأمومة يمكن رؤيته بوضوح في قصائد ابنها الشهيرة "البردة"، والتي تعد واحدة من أشهر القصائد العربية حول النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
في "البردة"، يعبر كعب عن امتنانه وتقديره لأمه، ويصف كيف أدت تربيتها الحنونة إلى تشكيل مشاعره وحياته. يشيد بشخصيتها القوية وحكمته وأدائها للمهام المنزلية. هذه اللوحة الدقيقة لصورة الأم تكشف جانباً أساسياً من ثقافة المجتمع العربي آنذاك، حيث كان دور المرأة مهمّاً جداً ليس فقط داخل أسوار البيت ولكن أيضاً كمصدر إلهام ومصدر دعم للعائلة.
إن التأثير غير المباشر لأم مالك على الشعر العربي واضح جداً. بينما لم تنشئ شعراً مستقلاً، فإن مكانتها في قلب عائلة أدبية بارزة جعلتها جزءاً لا يتجزأ من التراث الشعري العربي. يعتبر عملها اللامحدود خلف الكواليس مصدر إلهام للشعراء الجدد الذين يستمدون روح النضال والأمل والأبوة الحنونة منها.
بشكل عام، تقدم قصة أم مالك درساً عميقاً حول قوة الرحمة والحماية الأنثوية وكيف يمكن لها أن تتداخل مع الفن والشعر ليصبحا مرآة صادقة للحياة البشرية. إنها ليست مجرد ذكرى تاريخية بل هي رمز للدور البارز الذي يمكن للمرأة أن تلعب دور فيه حتى عندما تبدو غائبة عن دائرة الضوء التقليدية.