تنتمي هذه القصيدة إلى العصر الأموي وتعتبر واحدة من أشهر أعمال الشاعر الجاهلي الكبير "جرير". تتناول القصيدة موضوع الحب والشوق بشكل عميق، حيث يعبر الشاعر عن حالة الفراق والبعد بين المحبين بطريقة تعكس صدق مشاعره وتعقيدها. يبدأ الشاعر بالاستفسار إن كان محبوبته قد استفاقت من نومها بعد فراقه عنها أم أنها ما زالت غارقة في حزن وشجن بسبب هجره لها. هذا الاستفتاء يشير إلى مدى تأثير الحبيبة على حياة الشاعر وكيف أدخل قلبه في دوامة المشاعر المتباينة.
في الأبيات التالية، يستخدم جرير صور شعرية مفعمة بالحياة لتوضيح حالته النفسية؛ فهو يرسم لوحة لشخصيته الضعيفة أمام قوة شوقه وحنينه الدفين لحبيبته التي تركتها وراء ظهره وهو يسافر مبتعداً. يقول: "أتصحو أم فؤادك غير صاح/ كأن نوم عينيك نوم القلب"، مما يعزز فكرة ارتباط العين والقلب بمفهوم واحد عندما يكون الأمر متعلقاً بحالة الحب والعاطفة الإنسانية العميقة.
ثم ينتقل الشاعر إلى وصف نفسه بأنه مثل الطائر المحبوس داخل قفصه، مفلساً ومحروماً من حرية التحليق نحو أحلامه وأهدافه نتيجة فقدانه لمن يحبونه ويمنحه الراحة والسعادة. إنه تصوير مؤثر للغاية للحالة البشرية أثناء المرور بتجارب الألم والفراق المؤلمة.
ختاماً، تؤكد هذه القصيدة براعة جرير الشعريّة وقدرته على نقل الأحاسيس الداخلية للمحب إلى القارئ باستخدام اللغة العربية الجميلة والمفعمة بالأدب والإبداع. إنها دعوة للتوقف والنظر في طبيعة الحب المعقد وصراعات الروح خلال المواقف الصعبة والحالات الانفعالية المكثفة.