- صاحب المنشور: عنود بن عيشة
ملخص النقاش:
في عالم يتزايد فيه الضغط على الأنظمة الصحية بسبب ارتفاع تكاليف العلاج وتنامي عدد السكان المسنين، برزت الرعاية الصحية المنزلية كاستراتيجية مبتكرة ومؤثرة. تهدف هذه الخدمات إلى تقديم العناية الطبية للمرضى في بيئتهم الخاصة، مما يقلل الحاجة للبقاء في المستشفيات أو دور رعاية طويلة الأجل. هذا النهج ليس فقط يساعد على تخفيف عبء النظام الصحي ولكن أيضا يعزز نوعية الحياة وجودتها لدى المرضى.
الفوائد الاقتصادية: خفض التكاليف وتحسين الكفاءة
أحد أهم الجوانب التي تساهم بها الرعاية الصحية المنزلية هو تقليل التكاليف المالية المرتبطة بالرعاية الصحية. وفقًا لدراسة أجرتها مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)، يمكن أن توفر خدمات الرعاية الصحية المنزلية حوالي 3,300 دولار أمريكي سنويا لكل مريض مقارنة ببرنامج الرعاية التقليدية. وذلك لأن الاحتفاظ بالمريض في منزله ينطوي عادة على معدلات أقل للأطباء والممرضات وخيارات علاج بدون طوارئ، وهو ما يسهم مباشرة بتخفيض الإنفاق العام.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الاستفادة من المهنيين الطبيين ذوي الخبرة الذين يتم تدريبهم خصيصا لهذا النوع من البيئة يؤدي إلى زيادة الكفاءة والإنتاجية. حيث يستطيع هؤلاء المحترفين زيارة أكثر من مريض خلال اليوم الواحد نظرًا لكون كل حالة ليست بحاجة لإقامة مستمرة داخل المؤسسات الطبية. وهذا بدوره يخلق فرصة أكبر لتوفير الوقت والجهد ويحسن من تجربة المتعاملين مع القطاع الصحي سواء كمقدمي خدمة أو مرضى.
الدعم النفسي والعاطفي: تعزيز جودة حياة المرضى
جانب آخر مهم للغاية يتمثل في الجانب النفسي والعاطفي الذي تقدمه الرعاية الصحية المنزلية. فالحفاظ على الرفاه الاجتماعي والتفاعل المجتمعي أمر حيوي خاصة لمن هم معرضون للعزل الذاتي نتيجة للحاجة للدعم الخارجي بسبب صحتهم البدنية. هنا يأتي دور متخصصي الصحة النفسية الذين يعملون كجزء من فريق واحد ضمن نظام متكامل لرعاية الشخص المصاب بأمراض مزمنة كالسرطان وألزهايمرز وغيرهما ممن تتطلب حالتهم رقابة وطرق دعم مختلفة تماماً عن الأفراد الأصغر سنا. إن القدرة على مواصلة القيام بأنشطة يومك الاعتيادية وفعل الأشياء التي تحبها بالإضافة لممارسه الروتين الخاص بك -كل تلك أمور تساعد الكثير منهم على الشعور بالأمل والقوة أثناء فترة التعافي.
تحديات التنفيذ والحلول المقترحة: بناء بنى تحتية قوية وصيانة الاتصال الإلكتروني
لا تزال هناك العديد من العقبات أمام انتشار واسع نطاق لهذه الأنواع الجديدة من الممارسات مثل نقص القوى البشرية المدربة المناسبة، وعدم توافق التأمين الصحي الحالي أو حتى عدم قدرته على تغطيه مثل هذه الزيارات المنزلية المكلفة نسبياً مقارنة بإقامات المستشفى المعتادة. لكن الحلول ممكنة بالتأكيد عبر تطوير البنية الأساسية اللازمة والتي تشمل التدريب والدعوة للتغيير نحو استخدام نماذج جديدة مدفوعة النتيجة وليس مدفوعة الوقت كما هي عليه الآن غالبًا. كذلك يمكن تحقيق تقدم كبير باستخدام الأدوات الرقمية الحديثة لتتكامل وسائل التواصل بين الفريق الطبي والعائلة وزيارة منزل المريض نفسه بصورة فعالة وآمنة ومبتكرة تجمع الجميع سوياً بغض النظر عن موقع أي طرف منهما جغرافياً.
ختاماً، رغم الاختلاف الكبير في احتياجات المجتمع بشأن موضوعاته المختلفة إلا أنه يوجد اتجاه مشترك حول ضرورة تغيير ديناميكية العمل التقليدي للنظام الصحي لصالح نهضة مجتمع صحّى أفضل يلبي احتياجات أفراده بشكل كامل وكامل حقوق الإنسان لهم فيما يتعلق بخدمات الوقاية والاستشفاء والصحة العامة عموما. ومن المؤكد بأن استثمار المزيد من الجهود العلمية والبشرية والمالية سوف يحقق نجاح يفوق الوصف بهذا الشأن الحيوي الهامش بالنسبة لجميع الدول بلا استثناء!