رواية "محاولة العيش"، للكاتب الروائي المغربي محمد زفزاف، هي رحلة صادقة عبر تحديات الحياة اليومية للأشخاص الذين يكافحون يومياً تحت وطأة الفقر في المغرب. الرواية، التي تتألف من 94 صفحة فقط، تصور بدقة وبساطة شديدة معاناة طبقة اجتماعية كبيرة تعاني من ظروف اقتصادية صعبة. تستكشف الرواية موضوعات متنوعة بما فيها الوصف الواقعي لحيات الأشخاص ذوي الدخل المنخفض، والزواج المبكر، والبطالة.
تقدم لنا الرواية صورة قريبة عن حياة أسرة صغيرة تتكون من أب وأم وثلاثة أولاد. الأكبر منهم، وهو الفتى حميدو، يخوض المعركة كل صباح بحثاً عن لقمة العيش عبر بيع الجرائد. ولكن حياته ليست سهلة كما قد تبدو؛ والدته تخضع له ضغطاً لإتمام عقد زواج مبكر بناءاً على اعتقادها بأنه وصل سن الرجولة - رغم أنه لا زال عمره أقل من 18 سنة -. بينما الأب غير قادر على إيجاد وظيفة ثابتة لتوفير الاحتياجات الأساسية لعائلته، مما يجبره على الاعتماد جزئيًا على بيع السجائر الرخيصة. أما الأم، فهي امرأة تحاول بكل ما تستطيع تقديمه، إلا أنها غالبًا ما ترجع لأبنائها بدون أي طعام بسبب ندرة الإمكانيات المتاحة لها.
تشتهر رواية "محاولة العيش" بنقل المشاعر والقيم الإنسانية بطريقة شعرية ومؤثرة للغاية. ومن اقتباساتها المؤثرة: "...وقف يشاهدهم من بعيد، يحلل حركاتهم وكيف يتبارزون بذراعان... البعض يتصارع بأيديهم بينما آخرون يحتفظون بحزم الصحف حول أجسامهم كدم جامد..." ثم يواصل الحديث عن دار فارغة تقريباً حيث يعيش أحد أفراد العائلة فقط حتى وقت متأخر من النهار ويتلقى أموال زهيدة لا تكفي لشراء البسيط كالنعناع مثلاً.
في نهاية المطاف، تقدم رواية "محاولة العيش" رؤية حساسة ومعبرة للحياة اليومية للشعب المغربي الذي يدفع الثمن الأعلى نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة. إنها دعوة للقراءة والتفاعل مع قصص تلك الطبقات الاجتماعية المهمشة والتي تستحق أن تسمع أصواتها وتروى قصصها.