لعبت القصة دوراً بارزاً في تاريخ الأدب العربي منذ جذوره الأولى، حيث تطورت وتنوعت أشكالها وأساليبها مع مرور الزمن. يعود ظهور هذا الفن الشعري إلى العصر الجاهلي، عندما كانت القصص تُروى في مجالس الشيوخ والأعيان لتسلية النفوس ونقل الخبرات بين الأجيال. ومع انتشار الإسلام وازدهار الحياة الثقافية والعلمية، شهد الأدب العربي نهضة أدبية كبيرة ساهمت بشكل كبير في تشكيل شكل ومضمون فن الرواية.
في عهد الأمويين، بدأت تتضح ملامح القصة العربية التي تميزت بروايات مثل "الفوارس الثلاث" لأبي زيد السنجاري والتي تحكي مغامرات ثلاث فارسات شجاعات. أما في عصر العباسيين، فقد ازداد اهتمام الأدباء بتطوير روايتهم، فظهر لنا كتاب كالأغاني لأبي الفرج الأصفهاني الذي يجمع قصصاً متنوعة للشعراء والمغنين والفنانين. هنا نرى بداية ظهور الشخصيات الدرامية المعقدة واستخدام تقنيات سرد أكثر مهارة.
وفي فترة النهضة الأدبية الحديثة، تأثر الكتاب العرب بشدة بالأدب الغربي، خاصة الأوروبي منه، مما دفعهم لإعادة النظر في مفاهيم القصة التقليدية وإدخال عناصر جديدة عليها. كتب أمثال طه حسين ويوسف السباعي أدوا دور محوري في نشر أنواع أدبية غير معروفة سابقاً مثل الرومانسية والتراجيديا والكوميديا داخل المجتمع العربي.
إن رحلة القصة في الأدب العربي هي انعكاس للعطاء المستمر للإبداع البشري وقدرته على الابتكار والتجديد في مواجهة تحديات الوقت وظروفه المتغيرة. إنها مرآة تعكس تنوع التجربة الإنسانية وثرائها عبر التاريخ والحاضر.