تعد مسرحية جورج برنارد شو "بجماليون"، التي صدرت عام 1912، دراسة عميقة للطبقات الاجتماعية والتغير القائم بذاته. تتبع هذه الدراما قصة الضابط البريطاني هنري هيكسيس المعروف باسم "بجماليون"، الذي يقبل تحديًا ليتحول الفتاة الفقيرة إليزا دووليتل إلى سيدة رفيعة المستوى خلال فترة قصيرة.
منذ البداية، يبدو الطموح غير المتوقع لبجماليون وكأنه محاولة لتجاوز الطبقات الاجتماعية الثابتة. فهو يستخدم مهاراته اللغوية والفنية لتحقيق ذلك، مستنداً إلى فكرة أنه بإمكانه تشكيل شخصية الإنسان كما يشاء. هنا، يأتي الصراع الرئيسي بين الاقتراح بأنه يمكن جعل الناس أشخاص مختلفين تماماً عبر التعليم والتوجيه مقابل الواقع القاسي الذي يدعم الأفكار التقليدية حول الوضع الاجتماعي والثقافي.
عبر المسرحية، نرى كيف تتطور إليزا كشخصية. إنها تبدأ كمخلوق غامض وغير مدرب بشكل صحيح ولكنه ذكي ونشيط للغاية. تدريجياً، تحت قيادة بجماليون، تصبح أكثر ثقة ولديها حضور اجتماعي أقوى بكثير مما كانت عليه عندما بدأ الأمر. ولكن هذا التحول ليس خاليا من العيوب؛ فهو يؤدي أيضاً إلى تنازلات ثقافية وسياسية كبيرة بالنسبة لإليزا وأمثالها ممن يعيشون خارج دائرة الأرستقراطيين.
على الرغم من نجاح التجربة العملي، إلا أنها تكشف عن مخاطر النظام المجتمعي. إن الفكرة القائلة بأن كل شخص يمكن تغييره ليصبح جزءاً من فئة مختلفة هي تهديد للأعراف الراسخة والأنظمة الاجتماعية الحالية. بذلك، تقدم المسرحية نقداً مباشراً للممارسات الطبقية وتعكس المشاكل الأخلاقية المرتبطة بتغيير طبيعة الشخصية البشرية بموجب الإرادة الخارجية.
وفي النهاية، فإن "بجماليون" ليست مجرد عرض للحيل اللغوية أو الجمال الخارجي فقط، بل هي انعكاس للتوترات داخل المجتمع والحاجة المستمرة للإصلاح والنظر في التعريفات الاجتماعية والفلسفية للشخصية الإنسانية.