تعدّ "يافا"، الرواية التي كتبها غسان كنفاني عام 1972، واحدة من الأعمال الأدبية الأكثر تأثيرًا في الأدب العربي الحديث. تدور أحداث هذه الرواية حول مدينة يافا القديمة خلال فترة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عام 1948. تمزج القصة بين الحكايات العائلية الفردية والأحداث الجماعية السياسية لتقدم رؤية عميقة للقضية الفلسطينية.
يبدأ الكتاب بصوت الراوي الرئيسي، وهو شاب فلسطيني يُدعى عبد الرحيم. يعود إلى مدينته الأم بعد سنوات طويلة قضى معظمها في المنفى بسبب النزاع. عند عودته، يكتشف مدينة خالية تقريبًا من سكانها الأصليين، وقد تحولت الكثير من معالمها التاريخية إلى أماكن تجارية إسرائيلية. هذا الاختلاف الشديد يؤدي إلى حالة من الارتباك والشوق لدى عبد الرحيم ويجهزه لمعرفة المزيد عن ماضي المدينة وآثار الماضي المؤلمة التي تركها وراءه.
خلال الرواية، يستكشف كنفاني تاريخ العلاقة المعقدة بين اليهود والفلسطينيين في يافا. يسلط الضوء على الصراع الثقافي والاجتماعي الذي أدى إلى طرد الفلسطينيين من ديارهم وتدمير جزء كبير من تراثهم الثقافي والحضاري. كما يناقش كيف أثرت الروابط الأسرية والعلاقات الإنسانية على قرارات الناس أثناء الحرب.
من الشخصيات الرئيسية الأخرى في الرواية زوجة عبد الرحيم الأولى زهرة وابنه عيسى. تُظهِر حياة زهرة وكيف واجهت تحديات فقدان منزلها وأحبائها صورة قاسية للحياة تحت الاحتلال. بينما يجسد ابنه عيسى آمال المستقبل للأجيال الجديدة، الذين يكبرون وهم يحلمون بمستقبل أكثر عدلاً ولكنه غير مؤكد للغاية.
في نهاية المطاف، تقدم رواية "يافا" نظرة متعمقة ومؤثرة مباشرة للمعاناة البشرية والقضايا الأخلاقية المرتبطة بالنزاع الفلسطيني الإسرائيلي. إنها دعوة للتفكير والتذكر لقارئ اليوم وللأجيال القادمة أيضًا بشأن حقوق الإنسان والسلم العالمي.