أزمة الإبداع الأدبي: عوامل ضعف أدب عصر المماليك

التعليقات · 0 مشاهدات

شهد العصر المملوكي، أحد أهم الفترات التاريخية في العالم الإسلامي، انحداراً ملحوظاً في مستوى إنتاج الأدب مقارنة بالعصور السابقة عليه. يمكن رصد عدة عوام

شهد العصر المملوكي، أحد أهم الفترات التاريخية في العالم الإسلامي، انحداراً ملحوظاً في مستوى إنتاج الأدب مقارنة بالعصور السابقة عليه. يمكن رصد عدة عوامل أساسية ساهمت بشكل كبير في هذا الضعف:

1. التركيز السياسي والعسكري:

كان للدولة المملوكية اهتمام مركّز بالسياسة والقوات المسلحة كجزء من نظامها لإدارة الحكم والدفاع ضد الغزو الخارجي. وقد أدى ذلك إلى صرف الانتباه بعيدًا عن مجالات أخرى مثل الفن والأدب والفكر. فأصبح الكتاب والمفكرون يعيشون تحت ظلال السلطة السياسية المتشددة مما جعل بيئة غير مواتية للإنتاج الفكري الحر والإبداعي.

2. التأثير الاقتصادي:

كانت الدولة المملوكية تعتمد اقتصاديًا بشكل كبير على عائدات الضرائب والتجارة الخارجية. وهذا فتح المجال أمام الطبقة التجارية للسيطرة على جوانب كبيرة من المجتمع بما فيها الحياة الثقافية. ولكن نظرًا لأن أغلب هذه الثروات كانت مستمدة من تجارة البضائع وليس من الصناعة المحلية للأدب أو الفن، فقد قللت من قيمة الدعم الحكومي لهذه القطاعات التقليدية وأثرت سلبيًّا عليها.

3. الانحسار العلمي والفلكي:

نشأت خلال العصر المملوكي العديد من الحركات الدينية التي قصرت دور المرأة ووضعت عراقيل كبيرة أمام حرية الفكر والاستقلال الفردي داخل الأوساط الأكاديمية. بالإضافة لذلك، فإن استخدام النجوم والكواكب كمصدر رئيسي لتحديد الزمان والمكان كان له تأثير عميق أيضًا؛ فمع بدء اعتماد تقاويم أكثر دقة جاءت مع حملات الحملات الصليبية الأوروبيين وتراجع علم الفلك العربي القديم، بدأ التفكير المنطقي والنقدي يضعف تدريجيًا ما أسهم بتدهور حالة البحث الأدبية والمعرفية عامة.

هذه القضايا مجتمعة خلقت أرضًا خصبة لانخفاض مستوى المنتج الأدبي في تلك الفترة الزمنية الجاذبة للعجب والتي شهدتها البلاد العربية آنذاك. ورغم وجود بعض الاستثناءات الواضحة للحالة العامة لوضع الآداب حينئذٍ إلا أنها لم تستطع تغيير الاتجاه العام للتطور البيئي للنظام التعليمي والثقافي برمته إبان فترة حكم آل الظاهر وغيرهم ممن تولوا زمام الأمور لاحقًا بعد انتصار صلاح الدين الأيوبي وانتهاء سيادة الروم نهائياً بمصر والشام ومختلف البلدان الأخرى المؤثرة وقتها. ومن هنا يمكن تتبع بداية زوال نهضة الحضارات القديمة وصعود دول جديدة مختلفة ذات طبيعة خاصة ومتفردة -كل بحسب نظامه الاجتماعي وحكمته الخاصة-.

التعليقات