كان أبو بكر بن العربي شخصية بارزة في التاريخ الإسلامي، يُعرف بسيف الإسلام وشجاعته الفذة وأعماله الخيرية الوفيرة. ولد عام 427 هجرياً/1036 ميلادياً في مدينة قرقشندة الأندلسية، وكان اسمه الأصلي محمد بن عبد الله بن محمد بن سعيد الحاجب. ومع ذلك، اكتسب شهرة واسعة باسم "أبي بكر" نسبة إلى صحابي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر الصديق رضي الله عنه، مما يعكس تقديسه واحترامه لصحابة النبي الكريم.
نشأ أبو بكر وسط عائلة ذات مكانة اجتماعية وسياسية مرموقة في الأندلس، وهو ما أثّر بشكل كبير في شخصيته وساعد في تشكيل مسيرته لاحقاً كزعيم سياسي وديني مؤثر. رغم نشأته مترفة، اختار أبو بكر الطريق الديني، فدرس علوم الدين والفقه والتفسير والحكمة تحت إشراف علماء مجتهدين آنذاك. انطلق رحلته التعليمية طلبا للعلم والمعرفة الواسعة، فتجول بين مختلف البلدان الإسلامية مثل مصر وفلسطين ومكة المكرمة للحصول على النصوص والمؤلفات القديمة، كما زار مراكز العلم والثقافة الأخرى كمراكش وفاس وباقي المدن المغربية خلال فترة حكم الموحدين.
كانت له مواقف مشهودة في الدفاع عن العدل والدفاع عن الحق ضد الظلم والاستبداد، سواء داخل المجتمع المسلم أم خارجه. مثلاً، يشتهر دوره البارز أثناء حرب تحرير بيت المقدس تحت راية صلاح الدين الأيوبي، والتي حققت انتصار المسلمين الكبير واستعادة للمقدسات الإسلامية هناك. بالإضافة لذلك، لعب دوراً مهماً في توحيد القبائل العربية المختلفة وتأسيس دولة موحدة تعكس القوة السياسية المتزايدة للإسلام في تلك الفترة.
من الناحية الاجتماعية والإنسانية، كان لأبي بكر إسهامات كبيرة في نشر الرسالة الإسلامية وتعزيز الأخلاق الحميدة لدى الناس. أسس العديد من المدارس القرآنية والمشافي لتقديم الرعاية الصحية المجانية للفقراء والمحتاجين، مع تقديم مصاحبة دينية وعمل خيري مستدام. اشتهر أيضا بتوزيع الثروات التي حصل عليها عبر تجارة الأقمشة النفيسة والبضائع المدخرة للجهاد والكفالة العامة لمن يحتاجون إليها.
توفي أبو بكر عام 543 هجرية/1148 ميلادية تاركا خلفه تراثا غنيا بالعلم والأعمال الجليلة والخير الكثير. ويُعتبر أحد الشخصيات المؤثرة ليس فقط بسبب عطائه السياسي والعسكري ولكن أيضاً لشخصيته الإنسانية المتسامحة والسعي المستمر لخدمة الإنسانية جمعاء وفق التعاليم الدينية والأخلاقية السامية.