تعد مسرحية "أهل الكهف"، التي كتبتها الكاتبة الفرنسية لوسي موسيه عام 1864، واحدة من أولى محاولات نقل النصوص الدينية إلى خشبة المسرح العربي. رغم أنها ليست عمل عربي أصيل، إلا أنها أثرت بشكل كبير في تاريخ المسرح العربي الحديث. تستند القصة الرئيسية لهذه المسرحية إلى قصة القرآن الكريم حول شباب الكهف الذين لجؤوا لإيمانهم بعد مواجهة ملاحقة شديدة بسبب دينه.
في هذا العمل الأدبي الفريد، تعمل كاتبته على إعادة تشكيل هذه الحكاية العظيمة بما يناسب السياق الثقافي الأوروبي آنذاك. تُظهر لنا "موسيه" شخصيات متعددة الأبعاد تعكس الصراعات الداخلية والخارجية لنضالات الشباب المؤمنين وتجاربهم الروحية أثناء سفرهم عبر الزمان والمكان.
رغم بعض الانتقادات التي وجهتها الجالية الإسلامية تجاه استخدام شخصية محمد صلى الله عليه وسلم كشخصية رئيسية في المسرحية -وهو ما كان غير معتاد في ذلك الوقت- فإن تأثير "أهل الكهف" عميق وملموس خاصة عند النظر إليها كمحاولة مبكرة للتواصل بين الثقافات والتعبير عن المواضيع الإنسانية الخالدة مثل الإيمان والصبر والقوة أمام الضغط الاجتماعي والديني.
تكشف المسرحية أيضاً عن سعي الإنسان نحو الحرية الشخصية والإخلاص للدين حتى لو أدى الأمر لمواقف خطرة وكلفة عالية. لقد كانت بداية رحلة طويلة للمسرحيات العربية المستوحاة من الكتاب المقدس والمعارف الأخرى المتنوعة والتي غدت جزءاً أساسياً من المشهد المسرحي الغني اليوم.