كان قطرب بن فلاح بن عبد الله النميري، والمعروف بلقب "قطرب"، أحد ألمع الشخصيات الأدبية والفقهية في التاريخ الإسلامي. ولد في القرن الثالث الهجري، وتحديداً عام 248 هـ/862 م، في مدينة نيسابور الأفغانستانية الحالية. كان له دور بارز في تطوير علم اللغة العربية وعلومها المتفرعة مثل النحو والصرف والبلاغة.

ابتدأ قطرب دراساته العلمية تحت إشراف كبار العلماء في عصره، مما سمح له بتكوين قاعدة معرفية قوية. اشتهر بتعمقه الكبير في اللغة العربية وفصاحة كلامه، مما جعله مرجعا مهما لأجيال لاحقة من الباحثين والأدباء. عمل كمدرس للنحو في العديد من المدارس الشهيرة آنذاك، وكان مدرسا لبعض أشهر الشعراء والنحاة الذين تأثروا بدراساته وأسلوبه التعليمي المتميز.

كتابات قطرب تتسم بالوضوح والدقة والإيجاز، وهو ما أكسب كتبه شهرة واسعة بين الدارسين. أهم مؤلفاته هو كتاب "الجامع في النحو والصرف"، والذي يعتبر اليوم موسوعياً فيه الكثير من المعلومات القيمة حول القواعد اللغوية والقضايا الصرفية. كما أنه كتب تعليقات هامة على بعض الأعمال الأدبية المعاصرة له، بما فيها ديوان أبي تمام الطائي والشعر الجاهلي.

بالإضافة إلى مساهماته الأكاديمية، فقد اشتهر قطرب بشاعريته أيضا. رغم عدم وجود الكثير من شعرته المحفوظة حتى يومنا هذا، إلا أنها كانت معروفة بجودتها وبراعته في استخدام اللغة العربية. توفي قطرب حوالي العام 311 هـ/923 م تاركا وراءه تراثا ثقافيا غنيا أثرت فيه الثقافة الإسلامية والعربية بشكل كبير.