تعدّ هذه القصيدة تحفة شعرية تعكس عمق المشاعر الإنسانية تجاه الوطن، وتلقي الضوء على تأثير الغربة والفراق على النفس البشرية. تأخذنا قراءة "العين بعد فراقها الوطنا"، للشاعر العربي الكبير أحمد شوقي، في رحلة عاطفية مؤثرة تصور المعاناة الداخلية لعائد غريب بين وطنه الذي ترك وديار غربته الجديدة.
الشاعر يستعرض في أبيات قصيدته الحزن اللامتناهي والعذاب النفسي الناتج عن الانفصال الجسدي عن أرض الأجداد. يبدأ تصويره بتلك الصورة القاسية للعين التي تبحث بلا جدوى عن صورة معالم وطنها القديم وسط هذا الخراب البعيد. هنا يكشف لنا الشوق الشديد لزيارة أماكن الطفولة والشباب المليئة بذكريات الراحة والأمان: "العينُ بعدَ فُراقِها وَطنٌ/ تُبْكي مآثرَهَا كالغريبِ."
ثم ينتقل بنا الشاعر إلى وصف الأحاسيس المتناقضة داخل النفس المغتربة؛ فهو يشعر بنوع من الامتعاض والقرف بسبب عدم قدرته على التأقلم مع بيئته الجديدة، ولكنه أيضًا يحاول إيجاد ما قد يعوضه قليلاً عن فراقه لوطنه الأصلي: "نَبْغي وَنَلْزَم حِماضاً وأَكراما/ ونَعيش بين ظاعناتٍ مُحَيَّدِ." تخبرنا هذه الأشعار بأن الحياة بالخارج ليست سهلة وإن كانت مليئة بالمظاهر الخارجية للرخاء والثراء.
في نهاية المطاف، يؤكد الشاعر أنه رغم كل الألم والتحديات، فإن حب الوطن يبقى ثابتًا وغير قابل للتغيير مهما طالت مدة الغربة: "وَإِن طال دهرُ الغربةِ والمُقاما/ سيبقى قلبِي موصولاً بالأوطان." باختصار، تنضح قصيدة "العين بعد فراقها الوطنا" بالحنين الشديد للأرض الأولى والسعادة الدائمة المرتبطة بها. إنها تكشف قوة الروابط الثابتة للمكان والزمان ضمن ذاكرة الإنسان وحبه.