كان أبو فروة الحارث بن حلزة بن عمرو الجعدي، المعروف بالنابغة الجعدي، أحد أبرز شعراء العرب قبل الإسلام وأكثرهم تميزاً. ولد النابغة في وادي القرى خلال القرن الخامس الميلادي، ونشأ وسط بيئة ثقافية غنية بالأدب والشعر العربي القديم. اشتهر بحكمته وشجاعته بالإضافة إلى موهبته الشعرية الفذة التي جعلته واحدا من أهم شعراء ذلك الزمان.
تميزت أشعار النابغة بالقوة والعمق، حيث تناول فيها مواضيع متنوعة مثل الحكمة والحرب والحياة الاجتماعية. ويُعتبر ديوانه الشعري مرجعا أساسيا لدراسة الأدب العربي القديم. ومن أشهر قصائده "الطود"، والتي تعد واحدة من أطول وأشهر القصائد العربية القديمة نظما وتقاليد الشفاه. تُظهر هذه القصيدة براعة النابغة في وصف المناظر الطبيعية والتعبير عن مشاعره تجاه الوطن والحنين إليه.
بالإضافة إلى شعر الحرب والعواطف الشخصية، كتب النابغة أيضا العديد من الحكم والمواعظ التي تعكس حكمة عظيمة وفطنة مميزة. وكان له دور بارز في مجالس العلم والأدب بين قبيلته بني عامر وبين غيرها من القبائل الأخرى. كما أنه شارك في بعض الأحداث التاريخية الشهيرة مثل معركة ذي قار ومعارك ضد الرومان.
بعد حياته المفعمة بالإنجازات الأدبية والثقافية، توفي النابغة حوالي العام 585 ميلادياً تاركا إرثا خالداً للنثر والشعر العربي القديم يستند عليه الكثيرون حتى يومنا هذا. إن مساهماته البارزة أثرت بشكل كبير على تاريخ الأدب العربي وكانت مصدر إلهام للشعراء اللاحقين عبر القرون التالية.