شهدت فترة العصر الجاهلي ظهور نوع أدبي معروف باسم "شعر الصعاليك"، وهو شعر ينتمي إلى فئة شعراء البادية الذين كانوا يعيشون حياة التشرد و الحياة البربرية في الصحراء العربية قبل الإسلام. هذه الشريحة الاجتماعية غير التقليدية قد تركت بصمة واضحة ومثيرة للاهتمام في الأدب العربي القديم بسبب الطابع الفريد لفن الشعر لديها. يتميز هذا النوع من الشعر بتقنيات معينة تحكي قصص البطولة والشجاعة والإفتخار بالنسب والقوة الشخصية.
أولاً، يبرز الجانب الأنفعالي القوي في شعر الصعاليك، حيث تعكس القصائد مشاعر الحنين للوطن والأرض، والعزة والكرامة التي كان يحافظ عليها هؤلاء الرجال رغم ظروف حياتهم القاسية. كما أنها تشيد بالقوة الجسدية وتظهر مدى أهميتها بالنسبة لهم كوسيلة للدفاع عن النفس والآخرين ضد الأعداء والمخاطر الطبيعية.
ثانياً، هناك التركيز الواضح على اللغة والدلالة. استخدم الشعراء الصعاليك لهجة عامية أكثر مباشرة وصراحة مما كانت عليه الأشكال الأخرى للشعر آنذاك. هذا الأمر جعل النصوص أقرب إلى الجمهور العام وأسهل للفهم والتواصل معه. بالإضافة لذلك، فإن استخدام الصور البيانية مثل الاستعارات والاستعمالات الجزئية وغيرهما، يساهم بشكل كبير في نقل المشاعر وتوضيح المواقف بكل دقة وبراعة.
في المجمل، يمكن وصف خصائص شعر الصعاليك بأنها انعكاس صادق لحياة هؤلاء الأشخاص خارج نطاق المجتمع الراقي للعصور القديمة. إن التحديات اليومية التي واجهوها وتعاملوا معها بطرق فريدة شكلت أساس الإبداع الأدبي الخاص بهم والذي أصبح جزءا لا يتجزأ من تراث الثقافة العربية الغنية.