تعكس قصيدة "العربية في ماضيها وحاضرها"، التي كتبها الشاعر العربي الكبير أحمد شوقي، عمق ارتباط اللغة العربية بتاريخ الأمة وتطورها عبر العصور. تستعرض القصيدة الرحلة الرائعة للغة العربية منذ نشأتها في الجزيرة العربية حتى عصر النهضة العربية الحديثة.
في أبيات القصيدة الأولى، يبدأ شوقي برسم صورة مبهرة لما كانت عليه اللغة العربية في ماضيها المجيد: "كانت لنا عهداً في المجد قديماً / كرامتنا فيه خفاقة الجدود". هذه البداية تؤكد مكانة اللغة العربية التاريخية وأثرها العميق في الحضارة الإنسانية. يعود بنا الشاعر إلى جذور اللغة عندما كانت هي لسان العرب وسلاحهم ضد الغزاة، وكانت حصنًا يقوي ثقتهم بأنفسهم وذواتهم.
ثم ينتقل شوقي إلى وصف حال اللغة العربية اليوم، ملاحظًا أنها رغم ثقل تاريخها ومكانتهما، فقد فقد بعض رونق مجدها القديم بسبب عوامل عدة. يشير إلى تأثير الاستعمار والتغيرات العالمية على استخدام اللغة العربية والدفع بها نحو الهامش. ومع ذلك، فإنه يدعو القراء للحفاظ عليها وتعزيز مكانتها مرة أخرى. يقول: "لكن زمان غير زمانِ زمانِنا/ وزمانُهُ زائلٌ غير مستقرٍّ." هنا يؤكد أهمية الثبات أمام تحديات الوقت وظروف الحياة المتغيرة.
وفي نهاية القصيدة، يحتفل شوقي بتحدي اللحظة - وهو تحدي تثبيت مكانتها ضمن مشهد لغوي عالمي متنوع ومتغير باستمرار. فهو يشجع الشباب والأجيال الجديدة على الاعتزاز بلغتهم وبناء مشاريع إبداعية جديدة تعبر عن روح تلك اللغة وتاريخها الغني. هذا النداء للإبداع والتحديث يشكل قلب رسالة القصيدة؛ فهي ليست مجرد اعتراف بتاريخ ممتد ولكنه أيضًا دعوة للاستمرارية الفكرية والثقافية لمستقبل مشرق للغة العربية.
بهذه الطريقة، تقدم قصيدة "العربية في ماضيها وحاضرها" نظرة متوازنة وشاملة للترابط الدقيق بين الماضي والحاضر بالنسبة للغة العربية. إنها ذكريات الأحياء المستمرة ودليل على قوة الروابط الثقافية الأوسع التي تربط الشعوب مع تراثها المشترك.