في ظل ازدهار الأدب العربي خلال القرنين الأولين للهجرة النبوية الشريفة, شهدت العصور الأموية تطوراً فريداً في نوع معين من الشعر يعرف بالغزل. هذا النوع الفني كان مختلفاً تماماً عن ما سبقه من أشكال تعبير شعورية رومانسية والتي غالباً ما كانت تختبيء تحت طبقات من الرمزية والاستعارات. يُعتبر عصر الخلافة الاموية ذروة الانفتاح في استخدام اللغة الشعرية للتعبير عن المشاعر الشخصية بشكل علني وصريح.
كان للغزل الصريح خصائص واضحة تميزته عن باقي الأنواع الأخرى للكتابة العاطفية. أول هذه الخصائص هو الوضوح؛ حيث يستخدم الشعراء كلمات مباشرة وبسيطة بدون الحاجة إلى التلميحات والمجازات المعقدة لنقل مشاعر الحب والعشق. ثانياً، يتسم هذا النوع من الغزل بشعور عميق بالألفة والتواصل بين المتحدث وموضوع حبه، مما يعكس قدرة كبيرة على التصوير والإيحاء.
ومن أشهر الأسماء المرتبطة بهذا الاتجاه الشعري علي بن الجهم وأوس بن حجر وحسان بن ثابت وغيرهم ممن استغلوا الحرية الثقافية والفكرية التي اكتسبتها المجتمعات العربية أثناء تلك الفترة الزمنية الذهبية لتقديم أعمال أدبية تتضمن عواطف صادقة ومباشرة عبر القصائد. وقد ساعد انتشار التعليم والثقافة واتساع رقعة الدولة الإسلامية في نشر نماذج جديدة للإبداع literary مثل موسيقى القوافي والحروف المجزئة للمفردات النادرة التي أضافت جماليات خاصة لهذه الأعمال الجميلة.
إن دراسة الغزل الصريح خلال العصر الأموي تظهر كيف يمكن للأدب ان يكون مرآة للحياة الاجتماعية والثقافة العامة لأمة ما. فهو ليس مجرد مجموعة من الأبيات الشعرية بل وثيقة تاريخية تسجل روح وطبيعة العصر نفسه - عصراً عرف بالتقدم العلمي والأخلاقي والفكري بقدر تقدمه السياسي والجغرافي.