كان العصر المملوكي مرحلة حاسمة في تاريخ الأدب العربي، حيث شهد تطوراً ملحوظاً وتغييرات كبيرة أثرت بشكل عميق على الخصائص الأسلوبية والموضوعات التي تميز هذا الفن الراقي. بدأت هذه الفترة مع سقوط بغداد سنة 656 هجريًا وحتى نهاية القرن الثالث عشر ميلاديًّا، وتميزت بوجود عدد كبير من الكتاب والشعراء الذين تركوا بصمات واضحة على المشهد الثقافي والفكري آنذاك.
من أهم سمات الأدب المملوكي هي الغزو الفكري والتأثير الواضح للتراث اليوناني الروماني والأدب الصوفي الإسلامي. أدى ذلك إلى ظهور نوع جديد من الشعر يسمى "الشعر العمودي"، وهو شكل أكثر تنظيماً واستخداماً للقافية. كما ظهرت أشكال جديدة من النثر مثل الرسائل والخطب والتي كانت ذات طابع تعليمي واجتماعي غالبًا.
بالإضافة لذلك، ركز الكثير من الأعمال الأدبية خلال هذا الوقت على المواضيع الدينية والإسلامية. كتب العديد من المؤلفين أعمالا حول التعاليم الإسلامية والعقائد الدينية بطريقة جذابة ومثيرة للتفكير. مثلاً، كتاب "الإمتاع والمؤانسة" للشيخ عز الدين بن عبد السلام هو مثال رائع للأعمال الأدبية التي جمعت بين العلم والمعرفة الشاملة بشكل جذاب وسلس.
كما كان للشعر السياسي دور بارز، حيث عبر الشعراء عن آرائهم السياسية وانتقادهم للحكام. أحد الأمثلة البارزة على ذلك هو شعر ابن نباتة المصري، الذي هاجم فيه الحكام وأطلق عليهم لقب "الأغنياء الجشعين". وهذا يعكس مستوى الحرية الفكرية والثقة بالنفس لدى الأدباء آنذاك رغم القيود الاجتماعية والسياسية المفروضة عليهم.
في المجمل، يعد العصر المملوكي فترة مهمة جدا في تاريخ الأدب العربي، حيث شهد تنوعا واسعا في الموضوعات والأساليب، مما ساهم في تشكيل المكتبة العربية الحديثة حتى يومنا الحالي.