أحمد شوقي، المعروف بلقب "أمير الشعراء"، هو رمز بارز في الأدب العربي الحديث. ولد في 1868م بمدينة القاهرة لعائلة ذات مكانة اجتماعية مميزة، مما مهد الطريق لتكوينه الثقافي المتنوع. بدأت رحلته التعليمية باكراً عندما التحق بمدرسة الشيخ صالح قبل الانتقال إلى مدارس أخرى مثل المبتديان والمدارس الثانوية. بعد تأهيله للعمل الحكومي، غادر البلاد لدراسات عليا بالخارج، عائد منها بشهادته الجامعية سنة ١٨٩٣.
بعد انضمامه لحاشية الخديوي عباس حلمي الثاني، اشتهر باسم وزير بلا وزارة لما قدَّمه من مساهمات سياسية وثقافية كبيرة خلال فترة حكمه. رغم وضعه المتميز داخل القصر الملكي، لم ينسى شوقي جذوره الشعبية ولم يفتقر يوماً للتواصل مع الناس عبر كتاباته المؤثرة والتي تعكس هموم المجتمع ومآلات التاريخ العربي الإسلامي والعروبي.
يشغل شوقي موقعاً فريداً ضمن حركة النهضة الأدبية الحديثة كونها أول تجربة شعرية شاملة تجمع بين عناصر الفصحى التقليدية والتجديد المستوحى من التجارب العالمية المختلفة. كان سبَّاقاً بتطوير شعر العمود والنظم الدرامي -حيث أسهم بشكل فعال بإعادة اكتشاف القيمة الجمالية للشعر المسرحي-. كما برز أيضاً فيما يعرف بطور "شعر الوطنية" الذي رأينا فيه شخصيات تاريخية عظيمة كالناصر صلاح الدين والقائد الفرعوني حاتم بن عدي وغيرهما الكثير ممن رسم لهم صورة ملحمية نابضة بالحياة عبر قصائده البلاغية والفاخرة بالعربية الفصيح.
ومن أشهر مؤلفاته التي تركتها بصمة واضحة لدى عشرات الأجيال لاحقة : ديوان شعره الشهير والذي حمل اسم "الشوقيات"، إضافة لمسرحيات مثل "مصرع كليوباترا", 'مجانون ليلی', 'قمبیز' ,'على بك الكبير'. تلك الاعمال تستعرض مواهب متنوعة تشمل سرد القصص وسرد الأحاسيس الشخصية وانفعال المشاهد السياسية العامة بحسب توقيت التأليف نفسها .
في حياته العملية ، عمل مستشارا ثقافيا للحكومة المصرية حتى اعتزل الحياة الرسمية تمام الاختيار وانتخب ملكا للشعر ضمن جمعية أدباء عصرها آنذاك وسط احتفاء كبير بذلك الحدث الأدبي البالغ الأثر والثقل على خارطة التجليات الادبية في العهد الملكي المبكر لمصر الحديثة والمعاصرة. وبقي لشوقي ذكر جميل ليس فقط بسبب قدراته الشعرية ولكن أيضا لاسهاماته الاجتماعية والإنسانية الواضحات في معظم مقالاته المنشورة وصفحات صحفه اليومية الخاصة بانتقاد الظلم والفساد والسعي نحو مجتمع تحرر وتمكين المرأة وتعزيز هويتها وتعليم الأطفال وتعليم النساء حقائق دينهن ومعرفة حقوقهن الإنسانية الكونية وفق منظور عربي أصيل يعبر عنه بكل رسوخ وإبداعات فنية تغني اللغة العربية بما فيها من براعة لغوية عميقة وغنى بلاغي غير محدود تقريبًا.