كان قيس بن ذريح أحد الشعراء الذين برعوا في غزل الحب النقي والعفيف، والمعروف باسم "الغزل العذري". هذا النوع الأدبي يتميز بتجنب التصريح بالمحبة مباشرةً واختيار اللغة البلاغية والإيحاءات لوصف مشاعر الشوق والحنين. يعكس شعر قيس حساسيته ومشاعره الجياشة تجاه محبوبته التي لم يرها إلا مرة واحدة قبل أن تُزوج لشخص آخر.
تتمثل إحدى سمات الغزل العذري في استخدام التشبيه والاستعارة بشكل بارز. في قصائده، ينقل لنا قيس صورة حية لحالته النفسية عبر صور الطبيعة والتعبير عن معاناته الداخلية باستخدام مفردات مثل الدمع والدموع والسهر والنوم المنقطع وغيرها مما يدل على شدة حبه وعذاب قلبه. ومن أشهر أبياته قوله:
"أَشكو إِلى اللهِ ما بي مِن هَمٍّ... وَدمعٌ يُدافِعُني عَن كَلِمي."
كما كان لقيس بن ذريح تأثير كبير على شعراء لاحقين استلهموا منه وأخذوا عنه طريقتهم في وصف المشاعر الإنسانية الرقيقة. إن شعر قيس ليس فقط تعبيرًا صادقًا عن حب خالٍ من الشهوة والجسد بل هو أيضًا دليل على قدرته الفنية الرائعة واستخدامه للموسيقى والوزن والقافية لإضفاء جمال موسيقي مميز ومتفرد. وبذلك فقد ترك بصمة دائمة ضمن تاريخ الأدب العربي الكلاسيكي.