الصورة الشعرية في قصيدة بلقيس لالشاعر العربي الفذ أحمد شوقي

التعليقات · 1 مشاهدات

تصور قصيدة الشاعر الكبير أحمد شوقي "بلقيس"، التي تعتبر واحدة من أبرز روائع الأدب العربي الحديث، عالمًا غنيًّا بالصور البيانية الرائعة التي تعكس براعة

تصور قصيدة الشاعر الكبير أحمد شوقي "بلقيس"، التي تعتبر واحدة من أبرز روائع الأدب العربي الحديث، عالمًا غنيًّا بالصور البيانية الرائعة التي تعكس براعة الشاعر وإبداعه. تستخدم القصيدة الصور البلاغية بكفاءة لإضفاء العمق والحياة على المشهد الموصوف، مما يجعل القارئ يعيش التجربة الروحية والشعورية للشعر نفسه.

تبدأ القصيدة بتصور خيالي ساحر للملكة بلقيس أثناء جلوسها تحت ظل عرشها الملكي بينما تتحدث مع حاشيتها حول سر نجاحاتها وعظمة ملكتها. يقول الشاعر: "على العرشِ الجَليلِ تجلسُ المُلُوكْ/ وهي كالغيمِ يُنتظرُ من القطري". هنا، يتم تشبيه بلقيس بالمطر المنتظر، وهو صورة شعرية رائعة تُجسد قوتها وجمالها وهيبة الحكمة التي تنضح بها. يشير هذا التشبيه إلى أنها مصدر الرزق والنماء مثل الغيث الذي ينزل بعد فترة انتظار طويلة، ولكن الأثر النافع منها أكثر ثباتاً ومتانة مقارنة بموسم أمطار موسميّة.

تستمر الصور التصويرية خلال وصف مراسم زواج بلقيس من النبي سليمان عليه السلام عندما يأتي إليها بسجادة بيضاء ناصعة. ففي هذه اللحظة، يصوّر شوقي تلك السجادة بأنها: "كالنجوم حين تهبط بالأفق دارس/ وتحتها شبكة العنكبوت كتبت...". وهذا الوصف بمثابة استعارة جميلة تربط بين حدث الزفاف وبين جمال الليل المرصع بالنجوم وجاذبية الأرض المغلفة بشبك العنكبوت الخفيف المتين معًا؛ حيث يقود الخطاب الشعري للقارئ عبر رحلة تخيلية عميقة لتكوين صورة ذهنيه هادئة وممتعة لنفس الوقت للحدث التاريخي المحوري المرتبط بهذا الحدث المهم جدًا بالنسبة للحكايات الدينية العربية القديمة.

كما تتميز القصيدة باستخدام صور طبيعية واضحة وحسية تساعد القراء على فهم دواخل الشخصيات وأحاسيسهم بشكل مباشر ودقيق للغاية. فعندما تصف بلورات الندى المتجمعة على أوراق الشجر قبل طلوع الشمس مباشرةً، فإن ذلك يبدو وكأنه انعكاس لحالة الفرح الداخلي لشخصيتنا الرئيسية - بلقيس - والتي تبدو سعيدة ومشرقة كالورد الصباحي الزاهي المنبهر بنوره الذهبي الطاغي آنذاك! ويقول الشاعر مُعبِّراً عن شعورها بذلك: "وبدا ضوء الصبح يلقي شعاعا/ فوق وجهٍ توقد فيه النشوة..." . إنه مشهد حي يتمثل بلمسات طبيعية بسيطة لكن تأثيرها كبير ومعنى مدروس بشكل مدهش لدى تقديم عرض مفصل لمشاهد القصيدتين /من خلال استخدام الكثير من التفاصيل الحاسمة للعناصر الطبيعية المرتبطة بالحالات النفسية البشرية المعبرة بدقة متناهية !

إن مجموعة الصور المستخدمة داخل قطعة أدبية كهذه ليست مجرد تفاصيل جمالية فقط ، وإنما هي وسيلة مهمة للتفاعل الإنساني والتواصل الفكري بين مؤلف النصّ والقاريء المحتمل له أيضا ؛ حيث يمكن لكل فرد بناء رؤيته الخاصة لما يحدث أمام عينيه عبر الوسائط البصرية المقدمة بطريقة سهلة الاستيعاب والمعرفة الوافرة والمجزئة لقرائمه المختلفة حسب مستوى ذكائه الثقافي وفهمه العام للأحداث ذات الصلة بالتاريخ والإنسان بشكل عام . إنها لعبة حساسة تجمع قراء ما بين الواقع والعقل والعاطفة؛ مما يخلق جوًا مليئًا بالإثارة والأمل وتدعو المستمع لتشريح كل حرف حرف ليخترقه مستقبلاً بلا حدود ولا حاجز يحول دون قدرته الإبداعي التعامل معه واستخراج الرسائل الضمنية منه بما يناسبه وينفع معظم احتياجات مجتمعاته المختلفة الموجودة حالياً وفي الأعوام المقبلة عوض الاعتماد السابق علي التقدم التقني وحدوده التقليدية الثابتة التي قد تستنفذ أهميتها يوماً ما... فنحن بحاجة دائمة لأعمال إبداعية عاشقة مثل هكذا أعمال أدبية مميزة تسعى لرسم خارطة طريق جديدة نحو اكتشاف جوانب العالم اليأسرة بغاية نتائج المفاجأة والاستغراب الجميلة دوما!

التعليقات