بر الوالدين: رحلة شكر وعطف

في كل زاوية من زوايا القلوب الحنونة، وفي كل صفحة من صفحات التاريخ الإنساني, تتجلى قصة حب عميق وامتنان صادق - وهي علاقة الرحمة والعناية التي تربط الفرد

في كل زاوية من زوايا القلوب الحنونة، وفي كل صفحة من صفحات التاريخ الإنساني, تتجلى قصة حب عميق وامتنان صادق - وهي علاقة الرحمة والعناية التي تربط الفرد بوالديه. إنها رابطة مقدسة تمجدها ثقافتنا وتشجع عليها ديننا الإسلامي. هذه العلاقة ليست مجرد ارتباط طبيعي للإنسان مع آبائه وأمه فقط؛ بل هي عبادة ذات ثواب كبير، كما ورد في الحديث النبوي الشريف "الجنة تحت أقدام الأمهات".

البر بالوالدين ليس واجباً فحسب، ولكنه أيضاً طريق للسلام الداخلي والسعادة الروحية. إنه تعبير عن التقدير والتسامح والحب غير المشروط الذي يبدأ بتقديم الرعاية والدعم لآبائنا عندما نكون صغاراً، ويستمر حتى بعد أن يكبروا سنياً ويتجه بهم الزمن إلى كبار السن. هذا البر يمكن أن يأتي بأشكال مختلفة بما في ذلك تقديم المساعدة العملية والنفسية والإرشادية بالإضافة إلى الاحترام المتبادل والكلمة الطيبة.

في القصائد العربية القديمة والحديثة، غالباً ما يتم الاحتفال بهذا الموضوع الجليل. حيث تعكس الأبيات الشعرية العمق العاطفي لهذه الرابطة المقدسة وتعزز أهميتها الأخلاقية والمعنوية. إحدى أشهر تلك الأشعار هي قصيدة أحمد شوقي المعروفة "أمي"، والتي تصور الحب والأدب تجاه الأم بطريقة مؤثرة جداً. تقول أبياتها الشهيرة:

"أمِّي أُهيئُ لكِ المحرابَ ومصْلاَّ                         وأذكاراً تلهين بها الوقتَ عند المساء

وأهديك حظي مما قد اكتسبهُ                        وإذا خاب ظني يوماً فأنت لي نجاحٌ وصلاحُ."

هذه القصيدة وغيرها الكثير تؤكد على الدور الحيوي للأمومة وأن حقوق الآباء أيضا يجب الاعتراف بها واحترامها بشكل متساوي.

إن بر الوالدين هو دعوة مستمرة للتواصل والاحترام والكرم، وهو تذكير بأن نعمة وجودهما معنا تستحق أكثر بكثير مما نقدمه لهم. فعن طريق بر الوالدين، نسعى لتحقيق جوهر حياتنا الإنسانية ونرفع من قيمتها الروحية.

التعليقات