في سطور القوافي التي ترسمها الأيدي الرقيقة للكتابة, نجد قصائد تتحدث عن الزمن; هذا الضيف الغامض الذي يأتي بلا دعوة ويتلاشى دون وداع. إنه الركيزة الأساسية للحياة الإنسانية، ولكنه أيضًا سر غامض يعجز البشر عن فهم طبيعة تحوله. هذه القصيدة ليست فقط تقديرًا للمكانة العزيزة التي يحتلها الزمن في حياتنا، ولكنها استكشاف للأثر العميق الذي يتركه على قلوب وأرواح الناس.
الزمن ليس مجرد وحدة زمنية نقيس بها أحداث يومنا؛ بل هو لحن حياة تنبض به الآمال والأحلام والأوجاع. كل دقيقة وكل ثانية تحمل قصة جديدة، قصة من القلب إلى القلب، تقول لنا أن نعيش اللحظة وكأنها آخر ما سيأتي. فما أجمل تلك الجملة الشعرية التي تشبيها بالحياة بالوردة المتفتحة تحت أشعة الشمس الدافئة!
لكن الزمن له جانب مظلم أيضا، فهو دليل مرير على مرور العمر وعدم الاستقرار. كم مرة شعرنا بأن الوقت يندفع بسرعة البرق بينما نحاول الإمساك بخيوطه؟ هنا تكمن عبقرية الشاعر حين يستخدم صورًا حية لإيصال هذه المشاعر المعقدة. يقول الشعراء بصوت واحد: "كم تغيرت الأحلام منذ بداية المسافة الأولى!" وهي رسالة قوية حول كيف يمكن للتجارب والتغيرات أن تشكل شخصيتنا وتعدل رؤيتنا للعالم.
إن انعكاسات شاعرينا حول الزمن هي أكثر من مجرد وصف لما يحدث خارج إطار النوافذ الخاصة بنا؛ إنها رحلة داخل الذات، بحث عميق عميق عن معنى وجودنا وهويّتنا وسط حركة العالم اللا متوقف. فالزمن يجبرنا على مواجهة حقائق كوننا محدودين ومؤقتين، ويستحث تفكيرنا فيما يعنيه ذلك بالنسبة لمشاعره وأهدافه الخفية خلف ظلال الظروف اليومية.
وفي النهاية، تتشابك خيوط الزمان والمكان لتخلق لوحة ملحمية توضح مدى ارتباط الإنسان بهذا المحور الرئيسي لحياته. وبذلك تصبح القصيدة ليست فقط تسجيلاً لأحداث الماضي والحاضر، وإنما أيضاً تأمل في المستقبل البعيد والقريب - وهو المستقبل غير قابل للتنبؤ لكنه مؤكد في آنٍ واحد مثل هبوب رياح الربيع بعد برد الشتاء الطويل.
هذه القصيدة إذن ليست مجرد مجموعة من الكلمات المكتوبة بشكل جميل؛ بل هي قطعة من الفن الحي الذي يحاكي روح الانسان ويعكس مشاعرها تجاه مسيرة الدهر التي لا تلقي التفاتاً لعظمة النفوس وضآلة الأفكار بموازاتها دوماً بين السعادة والشقاء ، الفرح والكمد , الروابط بين الاحبة والمعاناة الناجمة عنها . فهي تمثل ذكريات تختلط فيها الدموع بالأبتسامات وتسجل معظم مراحله الصعبة والتي جعلتنا أقوياء لأن الحياة أمر مستمر ولا يوجد مكان للاختباء إلا بالإستمرار والإصرار والسعي نحو تحقيق ذاتنا عبر تجارب متنوعة قد تبدو مختلفة تمام الاختلاف عندما نتذكر أيام عمرنا الاولى بالمقارنة بما نحن عليه الآن .. إنها بحلوِهِ ومرهِ محطةٌ لنقطعه باتجاه وجهتنا بإحساس جديد مكتسب بسبب الألم السابق والصدمات المؤلمة التي أسفرت بدورها عن قدر كبير جداً مما يسمى بالتقدم الشخصي وهذا ما يُثبتُ قوة انسانيته بأنه حي قادرعلى النهوض والعطاء مهما كانت الظروف عصيبة طوال فترة سفر الزمن الطويلة ...