تولّى توفيق زياد، الشاعر الفلسطيني البارز، دورًا مركزيًّا في الحركة الشعرية والثورية الفلسطينية منذ بداية حياته الفنية وحتى وفاته عام 1984. ولد زياد في قرية "بيت دجن"، الواقعة شمال شرق مدينة نابلس بفلسطين، بتاريخ 27 فبراير/شباط سنة 1929 ميلادي. كان لعائلته دور كبير في تشكيل شخصيته القومية والإنسانية. فقد نشأ في بيئة كانت مليئة بالثورة ضد الاحتلال البريطاني واستعدادات لسنة النكبة التي جاءت لاحقاً.
كان لتعليم زياد تأثيراً كبيراً على مسيرته الأدبية والفكرية. التحق بمدرسة الراهبات الفرنسيسكانيات في بيت لحم ثم انتقل للدراسة الجامعية بكلية الحقوق بجامعة القاهرة حيث أكمل دراسته القانونية وحصل على ليسانس حقوق عام ١٩٥١م . ومع ذلك, لم تكن الرغبة الأكبر له هي المجال القانوني بل انصب اهتمامه أكثر نحو الثقافة والأدب مما جعله يترك مهنة المحاماة ويصبح كاتباً وشاعراً بدوام كامل.
إن أعمال توفيق زياد تعكس ارتباطه العميق بجذوره وأرض وطنه ومآسي شعبه تحت نير العدوان والاستعمار الصهيوني المستمر. ترك لنا إرثا أدبيا غنيا يشمل مجموعة كبيرة ومتنوعة من الأعمال مثل الأناشيد الوطنية، القصائد السياسية والموضوعات الاجتماعية المتعلقة بحياة الشعب الفلسطيني اليومية وانعكاساته النفسية لهذه المصائب. ومن أشهر هذه الأعمال مجموعته الشهيرة "الأرض الطيبة".
بالإضافة إلى شهرته كشاعر ثوري، عرف أيضاً بتعاطفه الإنساني الكبير تجاه قضاياه الاجتماعية والقومية العربية ودفاعه الدؤوب عنها بلا كللٍ ولا ملل عبر كتاباته المنتشرة بين الجماهير والمجلات الأوروبية والعربية المختلفة. وقد عبّر بشكل واضح وصريح عن رفضه لكل أشكال الظلم السياسي بصوته الشعري وحضورِه الناري داخل ساحات النضال الوطني العربي وبخاصة أثناء عدوان حرب 1967 والتي شكلت نقطة تحول رئيسة في تاريخ القضية الفلسطينة برمتها. وفي خضم هذا الجهاد الانسانوي والنضالي ظل صوتُه المنادي بالمقاومة سمة مميزة لتلك الفترة حتى نهاية رحلته الدنيا بعد معانات طويلة مع مرض السرطان وذلك يوم الثلاثاء الموافق الثاني والعشرينمن يوليو العام ألف وتسعمائة وثمانون الميلادية.