أبو فراس الحمداني، الحارث بن سعيد بن حمدان، هو أحد أبرز الشخصيات الأدبية والفارسية في التاريخ العربي. ولد عام 320 هـ/932 م وتوفي عام 357 هـ/967 م. كان ابن عم سيف الدولة الحمداني، ولقب بلسان جنوب الجزيرة العربية لما امتلكه من معرفة واسعة بشبه الجزيرة العربية.

كان أبو فراس فارسًا شجاعًا شارك في العديد من المعارك إلى جانب ابن عمه سيف الدولة منذ سن مبكرة. اشتهر بسماحته وكرمه، حيث كان يطلق الأسرى إن توسلت إليه إحدى النساء. كما كان يجالس الشعراء وينافسهم، وعاصر المتنبي. عاش أبو فراس حياة مليئة بالجد والترفيه، حيث شارك في الحرب والترفيه حتى وصل الثلاثينات من عمره.

كان شعر أبو فراس الحمداني متنوعًا، حيث كتب في الغزل والرثاء والوصف والحكم. غزله كان عاطفيًا صادقًا مليئًا بدموع الفراق، بينما رومياته، وهي القصائد التي نظمها وهو أسير عند الروم، كانت مليئة بالحزن على نفسه وحريته التي كان ينعم بها قبل الأسر. كما عاتب فيها ابن عمه سيف الدولة لمماطلته بتحريره من الأسر.

ديوان أبي فراس الحمداني لم يهتم بجمعه ولا بتنقيحه، فقد كان يلقيه على أستاذه ابن خالويه فلم يروِ عنه أحد غيره. نقل العلماء بعد ذلك رواية ديوانه على لسان ابن خالويه. سعى المستشرقون لنشر ديوانه اعتمادًا على نسخ كانوا قد اطّلعوا عليها في المكتبات الكبرى، لكن أعمالهم بقيت مخطوطة ولم تبصر النور. اليوم، تحتفظ بها بعض المكتبات العامة.

أبو فراس الحمداني ليس فقط شاعرًا، بل كان عالمًا بالجغرافيا والفلك، ومؤرخًا، ونحوياً، وصاحب علم واسع، وكثير السفر. ترك إرثًا أدبيًا وفكريًا غنيًا يعكس ثقافته الواسعة وشخصيته الفريدة.