الكرم، ذلك الصفة الإنسانية النبيلة التي امتدحها الشعراء منذ القدم، والتي تُعتبر جزءاً أساسياً من الثقافة العربية والإنسانية بشكل عام. إن الحديث عن الكرم ليس مجرد ذكر لفعل الخير فقط؛ بل هو عبادة الروح، وتعزيز للترابط المجتمعي، وتأكيد لقيمة الإنسان في الوجود. وفي هذا السياق، نستذكر هنا بعض الأبيات الشعرية التي تعكس جوهر الكرم بكل روعتها وجماليتها.
في قصائد المتنبي، أحد أشهر شعراء العرب، نجد مثل هذه الأبيات: "أنا ابنُ الدنيا وأولادُها إخوتي / فكيف أكره أخا لي في مهجة". يعبر المتنبي هنا عن روح الأخوة والكرم تجاه الجميع، مشيرا إلى أنه يرى كل أبناء الأرض كإخوان له بسبب نزعة الكرم لديه.
أمّا أبو الطيب المتنبي أيضاً فقد قال: "إن لم يكن لك في الأرض غير ظلّ سيفِك/ فلا خيرٌ في الحياة عليك بعد"، وهذا بيت يشجع على الكرم والشهامة ويؤكد أهميتهما حتى لو كانت الثمن هو حيات المرء نفسه.
وفي ديوان الشريف المرتضى، نرى الجمال نفسه لكن بطريقة مختلفة قليلاً مع مطلع القصيدة الشهيرة: "لا تَرضَ بأن تكونَ خادمَ نفسِك/ كن سيدًا لنفسِك وللناسِ جميعا". يدعو الشاعر إلى التعامل الكريم والحفاظ على مبادئ الفروسية والكرامة الشخصية.
كما غنت لنا أم كلثوم إحدى أشهر أغانيها المستمدة من الشعر العربي القديم وهي "حسن الوصال": "عهدي بك صادقًا وإن طال الزمان/ وعهدي بك خير الرجال يا حسن". رغم أنها ليست مباشرة متعلقة بمفهوم الكرم، إلا ان الصدق والوفاء هما عناصر أساسية منه أيضًا.
هذه الأبيات وغيرها الكثير هي شهادة حية على مكانة الكرم بين العرب وكيف استطاعوا جعل هذا القيمة نبيلة تسطع في صفحات تاريخهم وثقافتهم الخالدة.
