تعتبر القصيدة "فراق وشوق"، التي كتبها الشاعر المصري حافظ إبراهيم، والتي تحمل بصمة الأدب العربي التقليدي، انعكاساً عميقاً للمشاعر الإنسانية مثل الفراق والشوق والحنين. يقدم هذا العمل الشعري رؤية حقيقية ومتأملة لعاطفات الإنسان الداخلية، مما يعكس مدى قدرة الشعر كوسيلة للتعبير عن الذات ووجدانات البشر. يستحضر البارودي باستخدام اللغة العربية الفصيحة، صور وألفاظ غنية تعبر بشكل بارز عن حالة الرومانسية والعاطفة لدى المتحدث داخل النص.
في مقطع أول، يبدأ الشاعر بوصف حالته النفسية بعد فراقه الحبيب قائلاً: "وَقَطَعْنِي مِن عَيشٍ نَهَلَنَا ذُخْرُهُ/ وَأَبْدَأَنِي بِاللَيالي الَّتي تُنسِي". هنا، يشير إلى فقدان الراحة والسعادة نتيجة لغياب الأحبة ويستخدم الصور البيانية لتوضيح ذلك عبر استخدام مصطلحات معبرة مثل "ذخر" الذي يدل على الثروة والنماء، ليعكس عمق الألم الناجم عن الفرقة. كما أنه يشير إلى مرور الوقت بطريقة مؤلمة وكأن الليالي تمر بسرعة وتمحو الذكريات الجميلة.
ثم ينتقل الشاعر إلى وصف شدة شوقه وحنينه عندما يقول: "ما لي سوى دمعي يا قلب مُشتاقٌ/ يسقي حزن القلب والأرض القفر". هذه الجملة تكشف مدى قوة شعوره بالشوق والفراغ الداخلي بسبب الانفصال. فهو يقارن دموعه بالسقاية للحفاظ على حياة قلبه وجفاف الأرض مجازياً للأثر النفسي للجفاء والتجاهل الذي قد يحدث بين المحبين.
ويواصل البارودي تصوير حالته العاطفية المعقدة بمزيد من العمق والإثارة: "أين أنت الآن؟ أنت صورتي الأخيرة / قبل الموت يأتي أو يأخذني زمان". وفي هذه الأبيات، يحاول الشاعر فهم مكان وجود محبوبته سواء جسديّا أم روحيا بينما يعبر أيضا عن خوفه من المستقبل والخسائر المحتملة الأخرى التي يمكن أن تواجهه خلال حياته الطويلة.
وفي نهاية القصيدة، يبدو الشاعر أكثر تصالحا ولكن ليس أقل تشوقا لحالة الحب الأولى: "ولست أدري هل أبقى حتى ألقاك / أم أتمنى النجوم أن تبعد المسافة." وهذا الجزء الأخير مليء بالأمل رغم اليأس الظاهر سابقاً؛ فالرسائل الخفية تؤكد إيمانه بأن لم شمله مع حب حياته ممكن وممكن الوصول إليه عاجلا أم آجلا.
إن شعر "فراق وشوق" يعد واحدا من الأمثلة الرائعة للشعر العربي التقليدي والذي يتميز بإتقانه وقدراته الدرامية الغنية والمفعمة بالعواطف المكبوتة تحت سطح الطبقات الثقافية والاجتماعية للنصوص القديمة لهذه الحقبة الزمنية المجيدة للأدب العربي القديم.