ألبير كامو، الأديب والفيلسوف الفرنسي البارز، يعتبر من رواد الحركة الأدبية المعروفة باسم "العصر العبثي". هذا النمط الفني ظهر كاستجابة للعالم المتغير بعد الحرب العالمية الثانية، ويعكس حالة اليأس والإحباط التي شعر بها العديد من الكتاب في تلك الفترة. في كتاباته، يستكشف كامو المفاهيم الرئيسية للعقلنة والتجربة البشرية وسط عالم يبدو غير منطقي ومتهور.
في روايته الشهيرة "الغريب"، نرى بطل القصة ميرسو وهو يعيش حياة هادئة ومتوازنة حتى يحدث حدث مفاجئ يدفع حياته إلى منحنى درامي. هنا، يمكن رصد عناصر العبثية بشكل واضح؛ فالأحداث تبدو بلا معنى بالنسبة للمتلقي كما هي بالنسبة للشخصيات نفسها. الموت، الحب، الحياة اليومية - كلها تصبح مجرد أحداث عابرة بلا أهمية حقيقية. يعبر كامو عبر شخصية ميرسو عن الشعور بالعجز والصراع النفسي داخل الإنسان الحديث.
وفي مسرحيته الأخرى الأكثر شهرة "موت بيرياندولفا"، فإن شخصية الرحالة باريس ينطلق بحثاً عن المعنى والحقيقة لكن سرعان ما يدرك أنهما غائرتان مثل الرياح والعواصف الغامضة. هذه المسرحية تكشف بدقة عن جوهر فلسفة العبث لدى كامو وهي تشير إلى الطابع اللامنطقي للوجود الإنساني وعدم وجود هدف نهائي للحياة.
إن عبثية كامو ليست سلبية تماما بل تحمل بصيص أمل وتحدياً للإنسانية للتغلّب على الواقع والبحث المستمر عن الجمال والقيمة رغم ظلمة العالم. إنه دعوة لاستمرار الرغبة بالمعرفة والاستمتاع بالحياة رغم عدم القدرة على فهمها. إنها رؤية مؤثرة حول طبيعة النفس البشرية وكيف تتفاعل مع بيئتها الصعبة والمروعة في كثيرٍ من الأحيان.