التلفزيون، ذلك الاختراع الرائد الذي غير وجه التاريخ الحديث، بدأ رحلته نحو العالمية منذ عقود قليلة فقط، ليصبح بسرعة جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية. هذا الجهاز الصغير بات بوابة للعالم خارج بيوتنا، ملئها بالحياة والحيوية. لقد فتح نوافذ معرفية وثقافية لم تكن مألوفة سابقاً، مما جعل الاتصال العالمي أكثر بساطة وسهولة.
قبل ظهور التلفزيون، كانت المعرفة محصورة ضمن الحدود المحلية، وكانت التفاصيل الخارجية أقل توثيقا وتعقيدا. ولكن بعد ابتكاره، تغيرت الأمور بشكل جذري. أصبح التلفزيون مصدر معلومات مباشر عن الأحداث حول العالم، سواء أكانت سياسية أم اجتماعية أم ثقافية. وقد أسهم أيضًا في خلق العديد من الفرص الوظيفية الجديدة المتنوعة عبر مجالات الصحافة والإنتاج الإعلامي والفني.
بالرغم من كل الفوائد العديدة التي يجلبها التلفزيون، إلا إنه ليس خاليا تماما من سلبيات محتملة. إحدى أهم المخاطر هي الآثار الصحية المحتملة للإشعاعات المنبعثة من الشاشات، والتي قد تتسبب في مشاكل صحية مثل ضعف النظر عند الاطفال عند تعرضهم لها لمدة طويلة إن كانوا يقتربون جدا منها. كذلك، يُعَد هدر الوقت بسبب الاستخدام المفرط للتلفزيون عبء آخر عليه، حيث يغيب عنه التركيز والتحفيز اللازم للدراسة والقراءه والاسترخاء بطرق أخرى مثمرة. إضافة لذلك، يمكن أن ينحرف المحتوى الذي يتم عرضه عبر القنوات التلفزيونية عن هدفه التعليمي والترفيهي ويصبح غير مناسب للجميع - خاصة أثناء المناسبات الدينية كشهر رمضان المبارك عندما تشهد زيادة كبيرة في مشاهدة الأعمال الدرامية عوضا عن الخلوة الروحية والعبادات.
مع مرور الزمن تطورت وسائل بث التلفزيون لتشمل الفضائيات المتخصصة، وهي شبكة واسعة ونشيطة تقدم خدمات متنوعة حسب حاجة الجمهور ورغباته. فهناك قنوات اخباريه, تسويقية, ترفيهية, دينية للاطفال وغيرها الكثير تعمل جنباً الى جنب لتحقيق اهداف مشتركة تتمثل أساساً بتوجيه الرأي العام وجذب أكبر نسبة ممكنة من المشاهدين.
في النهاية، يعد التلفزيون سلاح ذو حدين بحاجة لإستخدامه الحذر والمعرفة. فالامتلاك الواعي لهذه التقنية يعني فهم كيف يمكن استغلاله لصالح مجتمعينا ومجتمعاتنا عالميًا بينما نحمي أيضا نفسنا وعائلاتنا من السلبيات المرتبطة بهذا المجال العملاق والسريع الانطلاق.