كان للشاعر العربي القديم "الشنفري الأزدي"، وهو أحد أشهر الشعراء العرب في عصر الجاهلية، حضور بارز ومميّز في مجال الشعر الرومانسي والعاطفي. يُعتبر شعره مرآة تعكس العمق الإنساني والفني للفن الشعر العربي آنذاك. يتميز شعر الشنفري الأزدي بتصويراته الحيوية التي تستحضر مشاعره القويّة تجاه المحبوب والمجتمع من حوله.
يتناول العديد من قصائد الشنفري الأزدي مواضيع الحب والشوق والشجن بشكل عميق وغامر. إحدى أهم القصائد المعروفة هي تلك التي يصف فيها حبه لشابه تدعى لبنى والتي يقول عنها: "لبنى كم غنت الطير وكم عانقت الغصن* فلم ترجع إليَّ إلا كالصريم". هنا يستخدم التشبيه لتوضيح حالته العاطفية، حيث يشعر بأن محبوبه قد هرب منه مثل الطائر الذي ترك فرخه خلفها ثم غادر بسرعة.
كما يعبر الشاعر أيضاً عن معاناته بسبب بعد الأحبة بطريقة مؤثرة جداً: "لو كانَ مِنَ الصَّبرِ مُتْعُ أخٍ لنا لعلِّلناكَ ولكن ليسَ لهِ * ولا كانت رِضاؤٌ قُوتَ ظَمآنٍ ولكنه خَيالُ من سَلَبوا الرمـيـا ". وفي هذه القصيدة فإنّه يؤكد مدى قوة تأثير فقدان محبوبته عليه وكيف أنه حتى لو توفرت طرق للتخفيف من آلام هذا الألم النفسي، فلن تجد نفعاً لأن ذلك مجرد حلم غير واقعي وغير ممكن التحقق.
وفي بعض مقالاته الأخرى يأتي مباشرة إلى النقطة الرئيسية حول الطبيعة المؤلمة للحب ذاته: "إن خِلَّ وجدتُ قلبَه بين الضلوع فإن القلبَ أعظمُ دواعيهما وإن خيلتُ أنّي قد أسعدته يوماً * فعيشي له بالسخط أحلى مما عاش فيه." فهو هنا يحذر من مخاطر الوهم عندما يبدو الأمر جميلا خارجياً لكن الواقع مختلف تمام الاختلاف داخليا؛ ويذكر أيضا أنه رغم المعاناة إلا أنها تبقى الحياة الأقرب لما يرغب به إن لم يكن سعيدا بها بنفس القدر السابق.
هذه الرؤية الدقيقة للعلاقات الاجتماعية والعلاقات الشخصية تمثل جوهر أعمال الشاعر، وهي رسالة جميلة ومؤثرة للمستمعين والقارئين لكل زمان ومكان.