• صاحب المنشور: سراج بن جابر
  
  ملخص النقاش:
  في عالم اليوم المترابط تكنولوجيًا، تظهر تحولات عميقة في موازين القوى العالمية. هذه التحولات ليست مقتصرة على الاقتصاد والتجارة فحسب، بل تمتد أيضًا إلى مجالات السياسة والأمن والدبلوماسية. يمكن رصد العديد من العوامل التي تساهم في هذا التحول، ولكن يأتي استخدام التكنولوجيا كأحد أهمها وأكثرها تأثيراً.

تُعدّ الثورة الصناعية الرابعة -التي تتضمن الذكاء الاصطناعي والإنترنت الأشياء وإنترنت الأشياء الطبية وغيرها من التقنيات المتقدمة- حجر الزاوية لهذا التغيير الكبير. كما أنها تغيّر طريقة التعامل مع الأمن القومي والاستخبارات والعلاقات بين الدول والشعوب. إن القدرة الجديدة على جمع وتبادل المعلومات بشكل سريع وفوري قد أعادت تشكيل طبيعة المنافسة الجيوسياسية والمفاوضات الدبلوماسية.

على سبيل المثال، شهد العالم صعود شعبي للتقنيات الناشئة مثل البلوكشين والكriptocurrencies والتي تقدم حلولا جديدة للتجارة عبر الوطنية وللتعاملات المالية خارج نطاق الأنظمة المصرفية التقليدية. وقد أدى ذلك إلى ظهور دول ومنظمات غير رسمية تعتمد اعتمادا كبيرًا على الإنترنت ومقاومة للدولة المركزية.

كما أثرت تقنيات الرصد والإستشعار الحديثة بشكل ملحوظ على العمليات العسكرية واستراتيجيات الحرب الحديثة مما جعل المواجهة المحتملة أكثر تعقيدا ومتطلبة للموارد الاستخباراتية المتطورة. علاوة على ذلك، فإن انتشار وسائل الإعلام الاجتماعية يوفر قناة مباشرة للمواطنين لإبداء آرائهم السياسية ويتيح فرصاً لمشاركة الأخبار بسرعة كبيرة وبشكل واسع الانتشار مما يعزز الضغط الشعبي نحو السياسات الأكثر تدخلا بالشؤون الخارجية وفق رؤية المواطن وليس بالضرورة رؤى الحكومات الرسمية.

وفي الوقت نفسه، هناك تحديات كبيرة مرتبطة بهذه الحداثة التكنولوجية؛ حيث تواجه بعض البلدان مشاكل خطيرة متعلقة بحماية البيانات الشخصية وأمان الشبكات الإلكترونية وصعوبة فهم الآثار القانونية لهذه المعادلة الجديدة للقواعد والمعايير والقوانين المحلية المرتبطة بمجال الأعمال التجارية العالمية.

هذه التحولات الهائلة في كيفية إدارة الشؤون العامة والجماعية تحت وطأة الثورات التكنولوجية المستمرة تستحق دراسة متأنية لتقييم مدى قدرتها على التأثير الإيجابي أو السلبي على مستقبل السلام الدولي والحوكمة الفعالة لعالمنا المتصل رقميا والذي أصبح بلا حدود جغرافيا .