التسامح هو فضيلة سامية تعكس مدى نبل الأخلاق الإنسانية وعمق وعي الفرد بمصلحة مجتمعه واستقراره. ومن منظور إسلامي، يعد التسامح ركيزة أساسية للحياة الاجتماعية المثلى، إذ يشجع القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة عليهما بشكل متكرر. يقول الله تعالى في سورة الأنفال الآية 61: "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ". وهذا يدل بوضوح على أهمية تقديم الخير حتى لمن يعادي المرء، مما يؤدي إلى تحقيق الوحدة والتآلف بين أفراد المجتمع.
في المدارس الابتدائية، يمكن تعليم الأطفال مفهوم التسامح عبر العديد من الطرق العملية والممتعة. فالتمكين للأطفال ليكونوا قدوة حسنة فيما يخص الصفح والعفو تجاه أخطاء زملائهم يساهم في بناء شعور بالمساواة واحترام الاختلافات داخل الصف الدراسي. كما ينصح بإعطائهم أمثلة حيّة حول الأشخاص الذين طبّعوا التسامح كجزء رئيسي من حياتهم اليومية، وكيف أثّر هذا السلوك الإيجابي على محيطهم وعلى انفسهم أيضًا.
ومن الناحية التربوية، فإن تشجيع الأطفال على مشاركة مشاعر الغضب والحزن بطريقة صحية وتعليمهم كيفية التحكم بها بدلاً من الانتقام منها هي مهارات هامة سترافقهم طوال رحلتهم التعليمية وحياة البالغين كذلك. بالإضافة لذلك، تنظيم مسابقات مدرسية تركز على القصص ذات الدروس المستفادة المتعلقة بالتسامح وصنع القرار العقلاني عند التعرض لموقف عصيب يعمل على ترسيخ هذه القيمة لدى الشباب وتنميتها ضمن بيئة جاذبة ومحفزة للتعلم.
ختامًا، عندما يتم تنمية روح التسامح منذ سن مبكرة، لن يستطيع إلا أن يتحول المجتمع بأكمله نحو مزيد من التفاهم والتقارب بين جميع مكوناته المختلفة ثقافيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًا. وهذه الرسالة التي يجب نقلها لأجيال جديدة لتجعل منهم مواطنين صالحين قادرين على بناء عالم أكثر سلامًا وعدلا وفقًا لرؤية الإسلام الرحبة.