في العصر العباسي الثاني، شهد الأدب العربي تطورا ملحوظا، خاصةً في مجال الشعر. هذا الفترة التي امتدت بين القرنين الثامن والعاشر الميلادي شهدت تغيرات جوهرية في المواضيع التي تناولها الشعراء. بدأت هذه الحقبة مع نهاية حكم الخلافة الأموية وظهور الدولة العباسية، والتي كانت فترة ازدهار ثقافي وفكري.
أحد أهم التحولات كان انتقال البلاغة من التركيز الكبير على الفخر القَبَلي والفروسية إلى تناول مواضيع أكثر تعقيداً وشخصانية. بدأ الشعراء يبدؤون في استكشاف مشاعر الإنسانية الداخلية مثل الحب والخيبة والحزن بشكل لم يكن شائعًا سابقًا. يُعد أبو نواس أحد أشهر أمثلة هؤلاء الشعراء الذين غيروا مسار الموضوعات الشعرية بتعبيراته الشخصية العميقة حول الحياة الدنيا والشهوات البشرية.
بالإضافة إلى ذلك، ظهر اهتمام جديد بمجتمع الطبقات المختلفة داخل المجتمع الإسلامي. لم يعد الشاعر ينظر فقط إلى النخبة الحاكمة ولكنه أيضا ركز على حياة العامة وعواطفهم اليومية. هذا واضح جداً في شعر أبي الطيب المتنبي الذي صور طبقات المجتمع المختلفة بطريقة واقعية ومفصلة.
كما برزت أيضاً موضوعات فلسفية وروحية عميقة في الشعر خلال هذا الوقت. العديد من الشعراء استخدموا القصائد كوسيلة لاستكشاف الفكر الديني والفلسفي، مما أدى إلى كتابة قصص وأمثال ذات دلالات روحية قوية. مثال بارز لذلك هو أحمد بن عبد الله بن سليمان المعروف باسم "الحافظ"، والذي كتب شعراً يعكس تقديساً عميقاً للقرآن الكريم واستخداماته الرمزية.
بهذا القدر من العمق والتجدد، شكل العصر العباسي الثاني حالة فريدة ومتنوعة للموضوعات الشعرية، ترك بصمة واضحة حتى يومنا هذا في الأدب العربي.