في رحاب الشعر العربي الرفيع، تتجلى جماليات لغة الضاد بكل روعتها وعمق معانيها. واحدة من أجمل القصائد التي تعكس هذا الجمال هي "لو لم تكن أم اللغات هي المنى"، للشاعر المصري الكبير حافظ إبراهيم. هذه القصيدة ليست مجرد كلمات ترتجل، بل إنها انعكاس عميق للحب العميق والشكر تجاه اللغة العربية الأم.
تتكون القصيدة من عدة أبيات شعرية ترسم صورة حية للغة العربية بأنها مصدر الأمل والحياة بالنسبة إلى الشعراء. يبدأ الشاعر بالقول "لو لم تكنْ أمُّ اللُّغَاتِ هِيَ مَنَيِّي... لأضحى فؤادي بين القلوب قتيلا". هنا يعبر عن مدى ارتباطه العاطفي الشديد بهذا الجزء الثمين من تراث البشرية. إنه يؤكد أنه بدون وجود اللغة العربية، فإن حياته الفنية ستصبح بلا معنى ومعدومة القيمة. كما يشير إلى أنها ليست فقط لغته الخاصة، ولكنها أيضاً رمز للأمة وللحضارة الإسلامية الغنية بالتاريخ والثقافة العريقة.
ثم يستمر الشاعر في تصوير مكانة اللغة العربية العالية قائلاً: "ولولا تلك البيان المتلألئ ... ما كنت أبكي عليك دمعاً محيرا". تشبيه الدموع بالحيرة يدل على شدة التأثر والعشق لهذه اللغة، وكيف يمكن لها أن تحرك المشاعر حتى لدرجة البكاء الحزين. ويصور أيضا كيف أن الوضوح والإبداع ("التلألئ") داخل اللغة هو الذي جعل منها مستنقعا للتعبير الإنساني والفني الصافي.
وفي نهاية المطاف، ينهي قصيدته بتأكيد الولاء المطلق لهذه اللغة الرائعة:"فإن شئت فأحبني فيها حباً جميلاً ... وإن سخطت عليَّ فلا تذبل قلبي". فهو يسعى لاسترضائها ويطلب المحبة والتقدير، لأنه يرى نفسه جزءا لا يتجزأ منها ومن رسالتها النبيلة في خدمة الكلام والمعرفة الإنسانية.
بهذا المعنى، تعد "لو لم تكن أم اللغات هي المنى" ليس فقط تكريما للجوانب الجمالية للغة العربية، لكن أيضا اعترافا بدورها المحوري كوسيط رئيسي لحفظ وحماية تاريخ وثقافة مجتمع كاملة.