تعتبر رواية "جزيرة الكنز" التي ألفها الكاتب الاسكتلندي روبرت لويس ستيفنسون واحدة من الأعمال الأدبية الأكثر تأثيرًا وشهرة حول العالم. نشرت لأول مرة بين عامي 1881 و1882 بشكل متقطّع في مجلة للقصة القصيرة موجهة للأطفال. على الرغم من أنها كانت مكتوبة في الأصل للجمهور الشاب، إلّا أنّها جذبت انتباه العديد من الكتاب البارزين بما في ذلك مارك توين وألفريد بورخيس وهنري جيمس وروديارد كيبلنج. تتحدث الرواية عن مغامرات بحث الشباب جون سيلفر عن الكنز المحصور في جزيرة مجهولة. لقد أصبحت هذه الرواية رمزاً لفن المغامرة في الأدب الغربي، وقد أثرت بشكل عميق في نوع أدبي مستقل يسمى "رواية المغامرات".
تصوّر رواية "جزيرة الكنز" مجموعة متنوعة من المواضيع الاجتماعية والنفسية. يبقى محور الحبكة الرئيسي هو قصة البحث عن الكنز الخافي والمعقدة، والتي يتم تنشيطها عندما يجد جون سيلفر بعض الرسوم البيانية والكشوفات القديمة خلف ظهر والدته المتوفاة مؤخراً. ولكن بالإضافة لهذا الجانب التشويقي، تستكشف الرواية أيضا قضائ هامة اجتماعياً ومعنوياً مثل الطمع والجشع والخيانة مقابل الصداقة الصادقة والتضحية. تُظهر تفاصيل القصة كيف يمكن لهذه المشاعر الإنسانية بأن تغذي تصرفات الأفراد والشركات نحو تحقيق الربح الشخصي بغض النظر عن الأخلاق. بينما تعكس نهاية العمل الفانتازي حقيقة أخلاقية بسيطة؛ هي أن العدالة دائماً تحصد انتصارها سواء تأخرت أم تقدمت اللحظة الزمنية لذلك.
ومن الجدير بالذكر هنا اقتباسات معينة تلخص جوهر الرواية بطريقة مميزة: "لا يهمني من أنت يا سيدي... سيجني الجميع ثمار أعمالهم الشريرة." وهذا يشير إلى إيمان المؤلف برؤية عالم أكثر عدلاً حيث يحقق الخير بنهايته المنتصرة والثابتة. كما نعرف أيضاً مشهد رفع سيلفر لعكازه ليبدأ أغنية بحار مشهوَّة تدعى "الخمسة عشر رجلاً في صندوق الموت"، مما يُبرز ثقافة الحياة البحرية القديمة والعادات المرتبطة بها ضمن السياقات الدرامية داخل الرواية. ونختتم باقتباس آخر يقول: "هذا رأيي بك يا فتى، ضحك كما تريد اليوم لكن غداً سوف تشعر بألم قلبك". فهو يؤكد على وجهة نظر سايكلوجية مباشرة حول الطبيعة المعقدة للسلوك الآدمي - حتى الأفعال الصغيرة غير المحكمة لها دور كبير بالمستقبل لتسبب الألم المؤرق للشخص نفسه فيما بعد.
في خلاصة الأمر، فإن "جزيرة الكنز" ليست مجرد عمل أدبي ممتع ومثير للأطفال فقط وإنما هي كمانظر معمق للحياة البشرية عبر استخدام عناصر القصة المثيرة والمغامرات الشيقة. فهي تكشف لنا حقائق مهمة حول بشرية الإنسان وانسانيته وسط الاختيارات الاخلاقية المختلفة التي تواجه حياتنا اليوميه.
