في عالم الشعر العربي الغني بالتعبير العاطفي العميق، تحتل الأشعار الحزينة مكانة خاصة لما تحمله من معانٍ عميقة حول الألم الناتج عن الفراق. فالفراق ليس مجرد الانفصال الجسدي، بل هو حالة عاطفية مؤلمة تمس القلب وترسم صورة واضحة لألم الشخص المتخلي عنه. هذه بعض القصائد التي تصور هذا الألم بشكل مذهل:
- "عَيني دُموعُها وَدَمُعي" للشاعر ابن زيدون: وفي هذه الأبيات يستعرض الشاعر غزارة دموعه أمام دموع محبوبته المفارقة، مشيرا إلى شدة فراقه وحنين قلبه لها حتى بعد رحيلها. يقول:
"عَيني دُموعُها وَدَمُعي / جَرَّتْ مِن قَلبي ما يُدمي".
- "وَيَقولونَ لِلصَبِّ إِذَا ذَهَبوا" للمتنبي: هنا يصف الشاعر شعوره بالخذلان والخيبة بسبب مغادرة الأحبّة له بلا وداع مناسب، مما يؤدي إلى زيادة حسرة القلب وجرح نفسه الداخلي. ويتساءل في أبياته:
"وَيَقولونَ لِلصَبِّ إذَا ذَهَبوا/ كَيفَ تُنْزعُ القُلوبُ وَلا تَنْزَع!".
- "ما لي سوى الدمع ألقاهُ" للبوصيري: يسرد الشاعر أحاسيسه تجاه فقدانه للأحبة ومصاب قلبه بحزن الفراق المستمر، مُشيرا إلى أنه لم يتبق لديه وسيلة لتخفيف آلامه غير الدموع التي تنهمر بغزارة عند ذكر مخاوف الماضي المؤلم. يقول:
"ما لي سوى الدمع ألقاهُ/ إن طال الصبر بموجدهِ".
- "إذا غاب المحبوب..." لعمر الأنسي: يشكو الشاعر من هموم الفراق وحزن مفارقة الحبيب، موضحاً كيف أصبح الوقت ثقيلًا عليه بدون وجود ذلك الأشخاص الذين كانوا سبب سعادة حياته سابقًا. ويسترسل قائلا:
"إذا غاب المحبوب عن بصري// غابت دنيتي وزالت سروري...".
كل واحدة من هذه القصائد تحمل بين أسطرها وزن الألم والحيرة والفجيعة الناجمة عن تجربة الشعراء الشخصية مع ظاهرة الفراق الصعبة النفسياً والعاطفية. وتجمع تلك الأعمال الأدبية الجميلة ثقل المشاعر الإنسانية نحو الخسارة والتشتت النفسي نتيجة ابتعادات الآخرين عنها - سواء كان هؤلاء الأقارب المقربين أم الأحباب العزيزين-. إنها صور باقية عبر الزمن تكشف عن جمال اللغة العربية وتعقيداتها وتعبرعن مدى تأثير حالتهم العاطفية عليها وعلى طريقة عرض تجربتها بطريقة أدبية ساحرة تتعلق بروح كل من يعيش قصة مشابهة للحالة المطروحة فيها تلك المعاني العميقة .