تعدّ قصيدة "ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني" أحد الأمثلة البارزة على براعة الشاعر العربي الكبير ابن نباتة المصري في وصف المشاهد الحربية والحالة العاطفية لشخصيات القصيدة أثناء المعركة. هذه الأبيات ليست مجرد سرد لحوادث حرب بل هي مزيج فني يجمع بين الجماليات الشعرية والتعبير القوي عن مشاعر الفروسية والشجاعة. يستخدم ابن نباتة هنا تقنيات شعرية كثيفة لإبراز تأثير الحرب على النفوس البشرية وعلى طبيعة العلاقات الشخصية أيضًا.
في بداية القصيدة، يتم تقديم مشهد للمعركة حيث تصور الرماح كأداة لنشر الحب بدلاً من العدوان. هذا الرمز الخاص يعكس رؤية الشاعر الخاصة للحرب باعتبارها وسيلة للتواصل الإنساني وليس فقط لتدميره. يقول الشاعر: "ولقد ذكرتك والرماح نواهل/مني ومالي غير القلب الهائم". يظهر التركيب الشعري هنا مدى ارتباط قلب الشاعر وروحه بحبيبته حتى في وسط الدمار والخوف الذي يصاحب الحروب.
ثم ينتقل بنا إلى تصوير الحالة الداخلية للشخصيات، خاصةً تلك المرتبطة بالحبيب. فهو يرسم صورة شوق وحنين شديدين عبر عباراته المؤثرة مثل: "يا حبيباً كلُّ النَّاسِ عنه غافلٌ,/وأنا وحدي مثله حيٌّ له عاقل". توضح هذه الأبيات كيف يمكن للحب أن يكون مصدر قوة في أصعب الظروف وأن يبقى رغم كل الصراعات والأزمات.
بالإضافة لذلك، فإن استخدام التشبيهات والاستعارات المرئية يعطي القصيدة طابعاً جمالياً مميزاً. فعلى سبيل المثال، يُشبه الشاعر نفسه بسيفٍ قوي عند ذكر اسم محبوبته قائلاً: "إذا ما زادني ذكرُكَ اشتعالاً/ فأنت نارٌ وأنا سيفُ إشتعل". وهذا الاستخدام للصورة المرئية يساعد في خلق تجربة حسية للقارئ وتقربه أكثر من جو القصيدة ومن الرسائل التي تحملها.
بشكل عام، تعتبر قصيدة "ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني" عمل شعري رائع يعكس مهارة ابن نباتة المصرية الواسعة كمبدع أدبي قادر على الجمع بين التعابير المجازية الغنية مع نقل رسائل مؤثرة حول الطبيعة الإنسانية والعلاقات الرومانسية خلال فترة الحرب والدماء.