تعد رواية "الغريب"، للكاتب الأديب الفرنسي ألبرت كامو، عمل أدبي غني بالتفكير العميق والفلسفة الوجودية، يقدم للقارئ نظرة ثاقبة حول طبيعة الإنسان والعلاقات الاجتماعية والإحساس بالmeaninglessness في الحياة الحديثة. بطل الرواية ميرسو هو شخصية مركزية تعكس هذه الأفكار المعقدة بشكل مثير للاهتمام ومثير للتأمل. يندرج الكتاب ضمن الأدب الفلسفي لأنه يسعى إلى طرح أسئلة أساسية حول معنى الحياة، الحرية الشخصية، المسؤولية الأخلاقية، وغيرها من القضايا التي تشكل جوهر الفكر الفلسفي.
يبدأ العمل الأدبي بموضوع الموت غير المتوقع للأم كعبارة رمزية عن فقدان الاتصال بالحياة الطبيعية والتقاليد المجتمعية. بعد هذا الحدث المفاجئ، نرى كيف أصبح ميرسو شخصا منعزلا وهادئاً للغاية يعيش حياته بنمط رتيب ومتكرر. هذا الانفصال الشعوري يدفعنا نحو استكشاف العمق النفسي للشخصيات وكيف يمكن للعزلة أن تصبح سلاح ذو حدين - إنها توفر المساحة اللازمة للتفكر ولكنها أيضا قد تقود إلى اليأس والشعور بالعجز.
تأتي نقطة التحول الرئيسية عندما يقتل ميرسو أحد الشباب العرب بدون سبب واضح. هنا يتم التركيز بشدة على اختيارات الشخص وأثر تلك الاختيارات على الآخرين وعلى الذات نفسها. رغم أنه لم يكن هناك دافع مباشر لهذه الجريمة، إلا أنها تجسد فكرة الحرية الخالية من الضوابط الأخلاقية والتي تُعتبر جزء مهم جدا مما يعرف بالأخلاق الوجودية لدى بعض المدارس الفلسفية. لكن، بدلاً من التعاطف أو التعاطي مع الظروف المؤدية للجريمة كما يحدث عادة في الأعمال الدرامية التقليدية, يأخذ المؤلف وجهة النظر المشوهة والمعادية للمجتمع تجاه المحاكمة والمحكوم عليه.
وفي النهاية، تنتهي الرواية بصورة بائسة حزينة تتضح فيها الصورة الحقيقية لتجارب ميرسو النفسية بينما يشعر الجمهور بالإحباط بسبب عدم وجود نهاية سعيدة وحتمية الشقاء المستقبل. وهذا ليس فقط انعكاسًا لقوة التأثير الثقافي والأدبي لفترة ما بين الحربين العالميتين؛ بل أيضًا تناوله الرائع لمسائل أكثر أصالة وتعمقا مثل البحث عن معنى الحياة وانعدام روابط التواصل الاجتماعي اليومي.
بهذه الطريقة، تقدم لنا كتابات كامو منظورًا جديدًا للحياة البشرية واضحة جدًا حتى لو كانت مؤلمة في كثير من الاحيان، وبالتالي تعتبر واحدة من أهم الأعمال الادبية التي تستحق الدراسة والنظر بها مليّا.