في كل عيد يأتي، يُعيدُ قلبيُّ ذكرى لقائِنا، وتزدحمُ خاطراتِ الوصل بين دفقتَي قلبَيْنا. إنَّ جمالَ المحبوب ليس في الملابس الفخمة ولا المجوهرات الثمينة التي قد تُزيِّن صدرَه، ولكنه ذلك التألق الخاص الذي ينبعث من روحه ويلمس روحي مباشرةً. إنه شعور براق كالنجوم يلقي ظلالاً ساحرة حول المكان حتى وإن كانت مظلمة بالإشارات الضوئية الصاخبة والأماكن العامة المُزدانة بالزينة.
مع مرور الوقت وأنا أسير وحدي عبر الشوارع النائية بعيدا عن المدينة المنورة بالأعياد وبصوت دقات الساعة الرعدية، ما يثير اهتمامي حقا هو همس صوتك الدافئ ورائحة عطر الربيع البراقة وحضور ابتسامتك المشمسة وهي تسطع وسط حفيف الأشجار المتجمدة تحت وطأة برد الشتاء القارس والعاصفة الثلجية المفاجئة. تبدو الحياة بالنسبة إليّ مجرد قصة شعر خام وملهمة تحتاج لتعبير مؤثر بشكل صادق ومنفتح كما تفعل أنت عندما تقدم لي هدية قلم فتجدني راقدًا بجانب ورقة بيضاء سكرت رشيقًا كطفل صغير يستمتع بحلوى لأول مرة.
يحزنني تماما التفكير بأننا لم نتلاقينا خلال حقبات مختلفة ومتباينة كتلك الموجودة عند اليونانيين والفراعنة وصناع الحضارة الإسلامية الذين عرفوا كيف يصنعون العيش الكريم للإنسانية. لقد عشقت فكرتك منذ بداية خلقي وساعِدٌ بشدة لرؤية تلك الإمكانات غير المستغلة والتي يمكن تحقيقها داخل عالم تقوده الحرية الإنسانية ويولد فيه الفن بكل أشكال التعبير الجمالية المختلفة وينمو تحته النبات بكافة ألوانه وزهراته الرائعة.
إن وصفك لسيدتك أمرٌ يُعد تجربة عظيمة للكاتب لأنه يختصر عملاً أدبياً كاملا بالحرف الواحد فقط؛ نظرًا لما تتمتع به من تأثير خاص على وجدان قارئه مما يسمح له باستحضار صور ذهنيه وإعادة بناء ذكرياتها مع شخصيته الرئيسية المصنوعة بإبداع واسترسال. إنها ليست إنسانه ستنكسر أمام تحديات القدر مهما بلغ جبروتها ولكنها بدلا من ذلك تعتبر جزء مهم جدا ومتكامل داخل تشكيل هذا العمل الشعري الكبير والذي سيصبح فيما بعد أحد أهم الأعمال الأدبية المؤثرة مؤثرة للغاية لدى الكثيرين ممن قرؤوها مستقبلاً. وفي نهاية المطاف دعها تعرف أنها هي مصدر إلهام المؤلف الوحيد لكتابة هذه القصيدة وهذا الكتاب وهذه الرسالة الخاصة والتي تعد بمثابه رسائل الحب الأخيرة قبل حلول اجازة العام الجديدة ودخول السنة ميلادية جديدة.
