الغدر، ذلك الفعل الذي يعتبر من أشد الأخلاق مذمة في الإسلام، قد تناولته أشعار العرب القدماء بوصفها قبيحة وذمّها بشدة. في هذا المقال، سنستعرض بعض أبيات الشعر التي تعكس نظرة العرب القدماء إلى الغدر، مستندين إلى المصادر التاريخية والشعرية.
يقول حسان بن ثابت، أحد شعراء الرسول صلى الله عليه وسلم، في هجائه للحارث بن عوف المري من غطفان:
"إن تغدروا فالغدر منكم شيمةٌ... والغدر ينبت في أصول السخبر"
وهذا يدل على أن الغدر كان معروفًا لدى العرب القدماء كصفة سيئة ومذمومة.
كما يصف أبو حنبل الطائي الغدر بأنه "عار" في الأقوام، ويقول:
"الغدر في الأقوام عارٌ... وإن الحر يجزأ بالكراع"
وهذا يعكس نظرة العرب القدماء إلى الغدر كفعل غير نبيل وغير مقبول في المجتمع.
وفي شعر أبي فراس بن حمدان، نرى كيف تغيرت نظرة العرب إلى الغدر مع مرور الزمن:
"تناساني الأصحاب إلا عصيبةً... ستلحق بالأخرى غداً وتحولُ"
"فمن قبلُ كان الغدر في الناس سُبّهً... وذم زمانٍ واستلام خليل"
وهذا يشير إلى أن الغدر كان يعتبر مذمومًا حتى في الماضي، ولكن مع مرور الزمن، بدأ بعض الناس يتقبلونه كشيء طبيعي.
ومن أبيات شعر سعيد بن حميد، نرى كيف يرفض الغدر ويؤكد على أهمية الوفاء:
"جعلْت لأهل الود ألا أريبهم... بغدر، وإن مالوا إلى جانب الغدر"
"وأن أجزي الود الجميل بمثله... وأقبل عذراً جاء من جهة العذر"
وهذا يعكس قيمة الوفاء والوفاء بالعهود في الثقافة العربية القديمة.
وفي شعر عتبة بن عتيبة بن الحارث بن شهاب صياد الفوارس، نرى كيف يصف الغدر بأنه "غدرة وغدرة أخرى"، مما يدل على شدة ذمه للغدر.
وتتناول أبيات شعر الرضي الموسوي الغدر من زاوية مختلفة، حيث يصفه بأنه "خيانة" و"غدر"، ويقول:
"فمولى يعاطيني الكؤوس تجمّلا... وقد ودّ لو أنّ العقار نجيع"
"فلا كان مولى لا يدوم وفاؤه... وإنّ وفاء في الزمان بديع"
وهذا يعكس نظرة الرضي الموسوي إلى الغدر كخيانة وعدم وفاء بالعهود.
وفي شعر حاتم الطائي، نرى كيف يرفض الغدر ويؤكد على أهمية الصدق والأمانة:
"فأقسمت لا أمشي إلى سر جارةٍ... يد الدهر مادام الحمام يغرِّدُ"
"ولا أشتري مالاً بغدر علمته... ألا كل مال خالط الغدر أنكدُ"
وهذا يعكس قيمة الصدق والأمانة في الثقافة العربية القديمة.
وفي النهاية، يمكننا القول إن شعر العرب القدماء يعكس نظرة سلبية قوية