في العصر العباسي الثاني، شهدت الحركة الزهدية والتصوفية تطوراً ملحوظاً، حيث انتشرت هذه الحركات بين الناس بشكل واسع، وازداد عدد المتصوفة والزهاد. هذا التطور يعود إلى عدة عوامل، منها انتشار الفكر الصوفي بين العلماء والفقهاء، بالإضافة إلى تأثير بعض الشخصيات البارزة في هذا المجال.
من أبرز الشخصيات التي ساهمت في نشر الفكر الصوفي في هذا العصر هو الإمام الجنيد البغدادي، الذي كان له دور كبير في تأسيس المدرسة الصوفية في بغداد. كما برزت شخصيات أخرى مثل أبي القاسم القشيري، مؤلف كتاب "رسالة القشيري"، الذي يعد من أهم المصادر في الفكر الصوفي.
تأثير الزهد والتصوف في هذا العصر لم يقتصر على الجانب الروحي فقط، بل امتد إلى مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية. فقد ساهم الزهاد والمتصوفة في نشر قيم العدالة والرحمة، مما أثر بشكل إيجابي على المجتمع. كما لعبوا دوراً في مواجهة الفساد السياسي والاجتماعي، حيث كانوا يرفضون الظلم والاستبداد.
ومن الأمثلة على ذلك حركة الزهد التي قادها الإمام أحمد بن حنبل، الذي رفض الخروج على الخليفة المعتصم بسبب خلافات سياسية، مما أظهر التزاماً عميقاً بالقيم الإسلامية.
في المجمل، يمكن القول إن العصر العباسي الثاني شهد ازدهاراً للحركة الزهدية والتصوفية، والتي أثرت بشكل كبير على المجتمع من الناحية الروحية والاجتماعية والسياسية.