في عمق الرومانسية العربية والإحساس الشعري العميق، تأتي قصائد مثل "أغالِبُ فيكَ الشَّوْقَ والشَّوقُ يغلِب"، والتي يعود الفضل فيها إلى الشاعر الكبير سعد بن عبادة الجابري. هذه القصيدة ليست مجرد كلمات مكتوبة؛ إنها تعكس حالة نفسية راقية وتعبيرًا شعوريًّا صادقًا. سنسعى هنا لتحليل الإعراب لهذه القصيدة وفهم العمق الدلالي لها.
البيت الأول من القصيدة يقول: "أغالِبُ فيكَ الشَّوْقَ والشَّوقُ يغلِب". حيث نرى استخدام اللغة الشعرية الراقية التي تُظهر الصراع الداخلي بين القوة والعاطفة. كلمة "أغالِب" هي فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، وهو مبني للمجهول. حرف الجر "في" هنا للاستعلاء، بينما اسم الفاعل "الشَّوْقَ" هو مفعول به لهذا الفعل المبني للمجهول. أما الجزء الثاني من البيت فهو أيضًا فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، ولكن هذه المرة يُستعمل بصيغة المتكلم المفرد للتعبير عن مدى قوة هذا الشوق الداخلي الذي يغلب حتى المحاولات لإخفاءه أو تقليله.
إن التشويش البلاغي بين الفعلين -الأول مبني للمجهول والثاني مثبت- يضيف طبقة أخرى من المعنى العاطفي، مما يشير إلى أن محاولة التحكم بالشعور بالشوق غير مجدية تمامًا عندما تكون المشاعر قوية جدًا كما في حالته. إن استخدام الروابط النحوية المختلفة يخلق تناغمًا موسيقيًّا يزيد من التأثير الجمالي للقصيدة ويجعلها أكثر جاذبية للقارئ/ المستمع.
إذا نظرنا بشكل أدق، يمكن اعتبار متابعة القراءة بأنها نوع من المكافأة النفسية للشخص الذي يتمتع بشعر عالي الجودة؛ حيث يحتاج كل بيت جديد لتفسير ومعنى مختلف قد يكشف المزيد حول التجربة الإنسانية الأعمق المرتبطة بحالة الحب والعشق. وهكذا تستمر الدراما الداخلية لشخصية الشاعر داخل نظامه النحوي الرائع، مما يؤدي بنا نحو فهم أعمق ليس فقط للنص نفسه بل للحياة البشرية ذاتها.